«كانت تعرف هذه الأعراض مسبقاً¡ لأنها ترافق تلك الحالة التي أسمتها لاحقاً بعد إحدى عشرة سنة 1980 - انحلال الهوامش - ولكن لم يحدث من قبل أن ظهرت بهذا الشكل»
(إ/ف)

عندما شرعت في قراءة رباعية نابولي للكاتبة الإيطالية إيليان فيرانتي كنت أحمل هاجس المساحة الوقتية التي ستستولي عليها هذه الرباعية قياساً على ما كان من أوقات كنت قد قضيتها مع مثيلات لها من الرباعيات والثلاثيات¡ التي سعدت واستمتعت وأفدت من قراءتها في فترات مختلفات من عمري الزمني/ المعرفي¡ فقد كانت التجارب مثرية مع رباعيات الحرب والسلام لتولوستوي¡ والأخوة كرامازوف لدستو يفسكي¡ ومدارات الشرق لنبيل سليمان¡ وثلاثية نجيب محفوظ بين القصرين وقصر الشوق والسكرية¡ وثلاثية حنا مينه مذكرات بحار والدقل والمرفأ البعيد¡ ثلاثية أحمد الفقيه¡ وثلاثية دروب الحرية لجان بول سارتر¡ وثلاثية خضراء الدمن لإبراهيم الكوني¡ وفي وقت قريب ثلاثية الثلج¡ حمراء كالدم بيضاء كالثلج سوداء كالآبنوس للكاتبة الفنلندية سالا سيمونا¡ وغيرها مما كنت قرأت في وقت اليفاعة والشباب مما ندّ أو انمحى من سجل الذاكرة التي علاها غبار السنين¡ ولكن هذا ما أسعفتني به في هذه العجالة التي يحتمها وقتنا الراهن المتحرك بسرعة البرق حيث توالي الأحداث وتتابع الصور في هذا الكون الفسيح الذي ترابطت أطرافه بفعل وسائل التواصل الحديثة المختلفة¡ فكان لحساب الوقت ما يبررهº لأن القدرات الجسدية مع الزمن الذي تكررت فيه صيانتها أصبحت لا تتقبل أو تتوافق مع المستحدث لها من العقاقير والمكملات الغذائية بالرغم من توفرها¡ ولكن للزمن حكمه غير أن الإصرار على المتابعة وملاحقة المستجد هي من الضرورات التي تؤكد وتعلن عن الوجود والمثول بما يرى أنه يتناسب مع الراهن¡ حيث لا فرق بين الأجيال سوى في السنين¡ أما العطاء فهو ملك لمن حافظ وركز مرتباً تحصيله لكي يعطي مما أخذ ويثري بما استفاد.
لقد تبدد الهاجس وحل محله العزم وكانت المسيرة المثرية والمفيدة والممتعة على شاشة المخيلة التي بسطتها الكاتبة في الرباعية «صديقتي المذهلة»¡ حكاية اسم¡ الهاربون والباقون¡ حكاية الطفلة الضائعة¡ التي تمكنت الكاتبة أن تنافس بها من سبقها من الكاتبين الإيطاليين والعالميين¡ وقد تأكد ذلك بما لاقته هذه الرباعية من حفاوة استقبالية لدى المتلقين في الساحة الثقافية العالميةº لكونها حوت في دائرتها جل الفنون الحياتية بطريقة خلابة¡ إذ جمعت الفن بالمجتمع والاقتصاد بالسياسة¡ ومزجت الحيوات المختلفات في سيرة سردية تثقيفية يستفيد منها المتابع في سلوكياته وقراءاته إلى جانب المتعة المستذوقة.
يستمر الحديث عن الرواية في القادم من (لمحات)




http://www.alriyadh.com/1776544]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]