الكثير يعرف عن الحرب الأهلية الأميركية التي بدأت عام 1860م بين الشمال والجنوب¡ حرب ضخمة لا تزال تشكل النفسية الأميركية لكلا الطرفين¡ لكن قبلها بثلاث سنين كانت هناك معركة أهلية أصغر¡ لكن أثرت على الحرب الكبرى ولا تزال تثير تساؤلات.
هل سمعت بالولاية الأميركية يوتا Utah¿ من غرائبها أنها الولاية الوحيدة التي تنتمي غالبيتها إلى فئة دينية واحدة¡ وهي طائفة المورمن¡ طائفة تفرّعت من النصرانية¡ لكن لها اعتقادات مختلفة قليلاً¡ اشتهر عنهم إباحة التعدد في الزواج¡ وقرابة الثلثين من هذه الولاية ينتمون إلى هذه الكنيسة¡ بل هم الذين أسسوا عاصمتها سولت ليك بعد أن طُردوا من ولاية إلينوي.
في ولاية يوتا ثارت طائفة المورمن على سلطة الحكم الفيدرالي¡ الذي يفترض أن تلتزم به الولايات¡ فعزم الرئيس الأميركي جيمس بيوكانان على إظهار قوة الحكومة الفيدرالية¡ فعين حاكمًا جديدًا للولاية وأرسل 2500 جندي لخلع الحاكم بريغهام يونغ¡ وهو أيضًا قائد الطائفة الدينية التي سيطرت على يوتا¡ الذي أعلن حالة الطوارئ وجمع جيشه ومؤنه¡ وهكذا قبل الحرب الأهلية بدا أن أميركا متجهة نحو... حرب أهلية!
لكن الجيش الفيدرالي مر بمتاعب كثيرة¡ فقد أضرهم الشتاء القاسي¡ وهجمات المقاومة المورمنية¡ وارتفعت أصوات الانتقاد ضد الرئيس بيوكانان باتهامه أنه لم يحسن إدارة الحرب¡ حتى وضعت الصحف اسمًا للحرب: «غلطة بيوكانان». صارت محرجة لحكومته.
في النهاية حُلّت سلمًا¡ لكن هذه أثرت في سمعة الرئيس وأفقدته دعمًا سياسيًا¡ وشلت قدرته على التعامل مع الاضطرابات الكبيرة مع الولايات الجنوبية¡ التي بدأت تنادي بالانفصال¡ بل أخذت تنفصل عن الاتحاد بسبب خلافات حضارية واقتصادية¡ وبسبب ذكرى تلك الغلطة تردد بيوكانان كثيرًا في إرسال جيشه لمنع الجنوبيين من الانفصال خشية تكرار ذاك الخطأ المحرج¡ وهكذا تجرأ الجنوب على الانفصال بثقة حتى أتى الرئيس أبراهام لينكولن وعزم على منع ذلك مهما كان الثمن¡ واشتعلت الحرب الأهلية التي أبادت مليون شخص¡ وشكلت التاريخ الأميركي المعاصر.




http://www.alriyadh.com/1776719]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]