السمات المجتمعية والقدرة على الانفتاح والتعامل الدولي هي جزء من الصيغة الراسخة في مؤسسة الحكم في المملكة التي تميزت بالمرونة في هذا الجانب مع بناء قيم وتقاليد سياسية راسخة¡ شكلت مساراً ثابتاً ومستقيماً ومرناً نحو المستجدات والمتغيرات..
في هذا اليوم تكون المملكة العربية السعودية على بعد عام من إكمالها تسعة عقود في نموذجها الثالث الذي أسسه الملك عبدالعزيز - رحمه الله -¡ هذا النموذج السعودي دخل النظام الدولي والإقليمي وفق معايير سياسية واقتصادية وأبعاد تراثية¡ صنعت من المملكة صيغة مختلفة إلى حد كبير عن نماذج عربية على اختلاف تشكيلاتها السياسية¡ هذه الدولة بنموذجها الحديث ولدت مع انطلاقة الملك عبدالعزيز - رحمه الله -¡ في العام الثاني من القرن العشرين¡ فبعد ثلاثة عقود من هذا التاريخ ولد المشروع المستقبلي للجزيرة العربية - الممكلة العربية السعودية -.
في الثالث والعشرين من سبتمبر من كل عام تحتفل المملكة بيومها الوطني الذي شكل ميلاد هذه الدولة التي مرت بتحولات صنعتها الظروف والمتطلبات الدولية¡ والتاريخ السعودي يثبت أن هذه الدولة تميزت بالمرونة العالية فيما يخص الاستجابة للمتطلبات السياسية والاقتصادية والثقافية¡ فقد بنى المجتمع السعودي بقدرة هائلة على قبول المستجدات وفقاً لتوجهات الدولة¡ والواقع أن المملكة تبدو لكثير من المراقبين والمحللين أنها قد تعاني من الأزمات عند الحديث عن مشروعات تحولية تهدف إلى تغيير البنية المجتمعية.
هذه النظرية حول واقع المملكة كوطن ومواطنين ظلت مجرد تخمينات مكثفة غصت بها التحليلات¡ لكن المشروعات التطويرية التي مرت بها المملكة خلال العقود التسعة الماضية أثبتت قدرة هائلة على التكيف في الاتجاه الصحيح¡ في ذات الوقت لم تكن المملكة الدولة المثالية في كل شيء¡ ولكنها كانت الدولة القادرة على استيعاب وفهم الاتجاهات بسرعة هائلة.
وقد تابعت خلال فترة طويلة من الزمن بحوثاً وكتباً تتحدث عن المملكة¡ والحقيقة أن معظمها مغرق في الاتجاه السلبي حول مستقبل المملكة¡ حتى إن أحد الكتب الصادرة في بداية العام 2015 باللغة الإنجليزية كان يتحدث أن المملكة في خطر (Saudi Arabia A kingdom in peril) وبعد ثلاث سنوات من صدور هذا الكتاب تتحول المملكة إلى مشروع مستقبلي كامل الأركان.
السؤل الأهم يقول: لماذا وكيف تشكلت هذه السمات في المملكة من حيث القدرة على التكيف والتوازن والخروج من المنعطفات في اللحظات الحاسمة¿ هذه هي الميزة التي يجب أن نقدرها ونؤمن بها من خلال إيماننا بمؤسسة الحكم في المملكة التي أثبتت عبر التاريخ مقاومتها الشديدة لكل لحظات التحدي التاريخي¡ نحن اليوم نحتفل بعيدنا الوطني التاسع والثمانين¡ والحقيقة أنه خلال هذه العقود لم نحتفل يوماً تحت شعارات متناقضة أو محاكمات علنية لمراحل ماضية¡ لقد ظلت المملكة ومنذ اليوم الأول ذات مبادئ راسخة ومعايير ثابتة لا تتغير¡ وفي ذات الوقت تشكلت قدرة الدولة والمجتمع بطريقة استيعابية لكل متطلبات الحياة.
عندما تنظر إلى هذه الدولة السعودية ذات النظام الملكي يمكنك أن تجد على سبيل المثال مرونة هذا النظام فيما يخص التحولات العالمية¡ فعلى سبيل المثال تتربع المملكة على القمة فيما يخص التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي من خلال فضاء مفتوح على العالم كله ومجتمع متفاعل مع الحياة في كل أركان الكون وقدرة على استيعاب الحديث والجديد¡ هذه السمات المجتمعية والقدرة على الانفتاح والتعامل الدولي هي جزء من الصيغة الراسخة في مؤسسة الحكم في المملكة التي تميزت بالمرونة في هذا الجانب مع بناء قيم وتقاليد سياسية راسخة شكلت مساراً ثابتاً ومستقيماً ومرناً نحو المستجدات والمتغيرات.
بعد تسعة عقود أصبح من الواضح أن المملكة تتفوق فيما يخص فكرة الثبات والاستقرار والطموح وبناء المشروعات الحيوية¡ بغض النظر عن تقييم هذه المشروعات على أي نوع من المستويات سواء السياسية أو المجتمعية¡ فالمملكة خلال القرن العشرين وصولاً إلى بدايات القرن الحادي والعشرين قد تفوقت على مثيلاتها من الدول¡ هذا الاستقرار الطويل المدى في البناء السياسي والاجتماعي السعودي هو المسؤول الأول عن صياغة نموذج الشعور الوطني المتحد بين المجتمع ومؤسسة الحكم¡ حيث تحول الشعور الوطني إلى ممارسة فعلية لا تخضع للتوجيه أو المراقبة.
المجتمع السعودي عبر الزمن تمكن من بناء عمليتين سياسيتين: الأولى تمثلت في تنمية شعور إيجابي معتمد على عمق الارتباط بين البنى السياسية والبنى المجتمعية.. والثانية بناء قدرة شعبية عالية للاستجابة لمتطلبات المشروعات التنموية. ولعل رؤية السعودية 2030 نموذج إثبات على قدرة المجتمع السعودي على هذه الاستجابة¡ ومع كثافة التطلعات للجيل الجديد سواء على مستوى مؤسسة الحكم أو المستوى الشعبي استطاعت المملكة بناء تشريعات ونماذج سياسية لتصنع من مادة المستقبل مشروعاً حيوياً لسعودية القرن الحادي والعشرين¡ ومركزاً تدور حوله طموحات الدولة والمجتمع.




http://www.alriyadh.com/1778378]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]