«النثر هو النهار والشعر هو الليل¡ طعامه الوحوش والرموز¡ وهو كلام الظلمات والمهاوي¡ إذن ليس هناك من رواية عظيمة لم تكن في المحصلة شعْراً»
( إرنستو سباتو)

الروائي الذي استولى على مساحة واسعة من العقول القارئة - القراء - على مستويات مختلفات رسم لوحة بالحروف والكلمات مستعيناً ومستمداً ألوانها بمزيج سيكولوجي¡ اجتماعي¡ جنسي¡ سياسي¡ اقتصادي¡ تاريخي¡ سحري وخرافي¡ بريشة قلمه البارعة التي تمكن بواسطتها من جمع هذا الخليط من الألوان المختلفة في رسم تلك اللوحة الرائعة التي تمثلت في روايته المعنونة بــ»الجانحة» ترجمت إلى اللغة العربية بواسطة (رنى الصيفي).
اللوحة الرواية¡ أو الرواية اللوحة المتخلية والمملوخة من جذور الواقع كركيزة أساس للانطلاق للأعالي سابحة بأجنحتها التي استقطبت الأنظار والعقول لتؤطرها في مخيلاتها بعد متابعتها بالقراءة المسحية التي تعكسها على شاشات للاستمتاع واستكناه مراميها كان رسامها بارعاً باستخدام قلمه في ستيعاب واعب حيثما ذهب عبر الحروف والكلمات المكونة لها لتجيء متكاملة.
لوحة صورة الحب المراد وهي لا تمانع في اللاحب في واقعها¡ إذ هي رسمة لشخصيتن حتم العمل تلاقيهما¡ صحفية وسياسي¡ وكل منهما يرسم ويعمل على أن يصل مراده وما ينقصه في حياته الاجتماعية الظاهرة¡ فتتقاطع المصالح بالنسبة للطرفين مما يوجب مايشبه التعاون بينهما فتتكرر اللقاءات التي أصبحت كعادة بينهما¡ ولكل منهما هدفه في استغلال الآخر¡ الصحفية تريد السبق الصحفي لتعزز من مكانتها في المجلة التي تعمل بها¡ والسياسي بالمقابل ليستفيد من الشهرة ونشر نشاطاته وخططه ومشاريعه ليكون في الصورة المتكاملة أمام الآخرين.
وفي تكرار اللقاءات أصبحت الأمور سهلة مما أدى إلى التقارب خطوة بعد أخرى للقاءات معلنة تبعتها دعوات خاصة أحس كل منها بحاجات جديدة لدى الآخر مما سهل التقارب لإشباع الرغبات التي تنامت لديهما لتتحول المصالح إلى تعارف وليس صداقة حتى أنها تخطتها إلى أن تحولت إلى لقاءات حميمية شبه بحتة¡ بالرغم أن لكل منها أسرته¡ هي لها زوج وأبناء¡ وهو له زوجة وأبناء¡ اكتشفا بمرور الوقت أن هناك حاجات تجلبهما للاستمرار في هذه الطريق والسير فيها بتستر وعدم مكاشفة من حوليهما¡ ولكن السلوكيات التي بدت للأقارب من الشخصيتين تقترب من الكشف.
يتشابه الزوجان في سلوكهما من حيث صورة الثقة بين الطرفين إلا أن الغيرة بين الزوجتين برزت للوجود جراء التغيرات التي باتت شبه مكشوفة بسبب ادعاء العمل خارج أوقاته والمتغيرات المزاجية¡ والصحفية كانت الأقرب إلى الوضوح والانكشاف بسبب ظهور سلوكيات أوحت لزوجها بأنها تخفي أشياء وليس شيئا وهو يمرر ويتجاهل¡ وبدورها هي كانت بما يماثل المتململ من سير حياتها التي ترى أنها في استمرارها أصبحت كما الروتين الزوج يتفرغ للعمل¡ وهي تواصل صفقاتها وسبقها الصحفي عبر الأجواء المختلفة التي تَمْثُلُ على وجه الحياة¡ وللالتصاق بالمستجد في حياتها من الرفقة مع السياسي الذي تريد أن تبعده عن زوجته - تعمل وترسم - على خطط كلفتها الكثير من المال والتعب¡ فتنقلت بأنحاء البلاد للبحث عن طريقة تستطيع بها أن تبعد غريمتها التي لا تعرف عنها هي الأخرى¡ وفي هذه الزاوية من اللوحة (الباولو كويلوية) تُظهر الصحفية الرغبة في المعايشة المتلائمة مع متطلباتها بمحاولتها التكيف مع واقعها الذي كيفته وتكيفت فيه¡ تكون المكاشفة بين الأربعة والمتمثلة في الزوجتين / الزوجين¡ لمحاولة استكمال اللوحة التي هي بحاجة إلى إطار ملائم ليبرزها متكاملة.
يجتمع الأزواج الأربعة وجها لوجه على مائدة واحدة في حفل أقيم بمناسبة تكريم المميزين في نشاطات مختلفة¡ وفي تداول الحديث وما تخلل ذلك الحفل من طقوس يكون الكلام المباشر وغير المباشر من تبادل الألفاظ المبهمة والصريحة على حد سواء وتكون الحلبة مستعدة لاستقبال اللكمات والكدمات من جراء المنازلة المباشرة بين الزوجتين¡ لتكتشف الصّحفية أنها كانت تحرث في البحر وترسم على الماء¡ فتكون الندامة وترجع إلى حضن زوجها وبيتها اللائق بها وولديها لتعود الروح لأسرة كادت أن تتلاشى بفعل نزوة / رغبة هبت كعاصفة مدمرة ولكن حدث اجتنابها والوقاية منها في الوقت الأنسب «الدرس المهم أن نتعلم الحب¡ أن نحب بشكل أفضل دائما¡ لأن اللغات والبلدان والاتحاد السويسري وجنيف والشارع حيث أقطن بمصابيحة ومنزلنا وأثاث غرف المعيشة كلها ستندثر وسيندثر جسمي أيضا¡ لكن أمرا واحدا
سينحفر في روح الكون أبداً¡ وهو حبي على الرغم من أخطائي وقراراتي التي سببت الأذى للآخرين واللحظات التي خِلْتُ فيها أن الحب غير موجود» كانت مناجاة المتهتكة / الساقطة / الجانحة في رسمتها الاكتمالية بتسامي المحبة في التوجه إلى الروح الإنسانية بإظهار المحبة الحقة والمحافظة عليها مهما كان الثمن.




http://www.alriyadh.com/1784193]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]