إذا نظرنا إلى ما نحتاجه اليوم على مستوى البنية المؤسسية أو الاجتماعية لتحقيق النمو والازدهار¡ فهو قائم على ثلاثة مفهومات ترتبط معًا¡ هي: التغيير¡ والابتكار¡ والديمومة. تلتئم هذه المفهومات عضويًا في أي منظومة ناجحة تزدهر ذاتيًا سواء كانت على المستوى الكبير أو الصغير¡ في هيئة وحدة أو إدارة صغيرة¡ أو في هيئة حكومية كاملة بكل مؤسساتها. إنها وحدات البناء الأساسية التي تعمل من الداخل¡ وإذا تعثرت أو تعطلت فإن منظومة العمل تقف دون تطوير أو تقدم.
لا يمكن لأي منظومة أن تتطور ما لم تعالج التغيير داخلها. لا بد أن تترسخ ثقافة التغيير عند منتسبيها¡ إنها الثقافة التي تضع كل فرد في المنظومة عضوًا في عملية تغيير محددة. أن يدرك كل من يعمل في المنظومة أن التغيير هو السمة العامة للعمل¡ وأن الركون يؤدي إلى نتيجة حتمية من التأخر والتخلف والركود. ولأننا في مجتمع يتلقى التغيير باستمرار¡ فإن على المؤسسات أن تعي أهمية المبادرة بالتغيير¡ أهمية الحركة الأولى في أي اتجاه¡ مهما كانت البوصلة غير جديرة بالثقة¡ فإن ما يهم أولاً هو القدرة على التغيير.
إن إحداث رغبة في التغيير أمر بالغ الأهمية¡ غير أن الرغبة في التغيير بحاجة إلى اتجاه¡ لذلك فإن التغيير بحاجة إلى الابتكار. إن الابتكار في أي منظومة هو الموجه لحركة التغيير وهو ضابط إيقاعها¡ فإن كان التغيير هو الوعي بالمشكلة¡ فإن الابتكار هو حلها. هكذا¡ تصبح عملية التغيير ذات معنى وهدف¡ لكن لا يجب أن ننظر إلى مفهوم الابتكار بمعناه المطلقº أي أن نطالب كل فرد في المؤسسة بأن يأتي بشيء جديد لم يسبقه إليه أحد. وإن كان طلب كذلك محرك أساسي في عملية الابتكار¡ إلا أن النتائج التي نصبو إليها يجب ألا تضيق بحيث يكون حد الابتكار هو السياق العالمي¡ إنما يمكن لنا أن نحصر جدة الفكرة في سياق المؤسسة نفسهاº أي أن ما نعده ابتكارًا هو فكرة جديدة على المؤسسة أو الإدارة أو الوحدة وليس بالضرورة أن تكون الفكرة جديدة بالكلية.
مع وجود اتجاه للتغيير علينا أن نضمن له عنصرًا ثالثًا وهو الديمومة. إن على التغيير المبني على الابتكار أن يستمر في تحقيق فوائدهº على المدى القصير أو الطويل أو كليهما معًا. ومع وجود سؤال الديمومة مع أي تغيير¡ فإننا نجيب عن سؤال مبطن وهو: ماذا بعد¿ هل سيستمر الابتكار في توليد فوائده¡ أم أن للابتكار وقتًا تدور عليه دورة جديدة من التغيير لتستبدل به ابتكارًا آخر¿ إن حركة التطوير المستمر تقوم على دوران العناصر الثلاثة¡ بدءًا بالتغيير ثم الابتكار ثم الديمومة ثم التغيير مرة أخرى. وكلما دارت هذه العناصر الثلاثة في المؤسسة تولد لدينا محرك التقدم والازدهار في حركة دائمة لا تتوقف.




http://www.alriyadh.com/1784312]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]