يتكون موضوع الفتوى من خلال السؤالº لأنها جواب عنه¡ فإذا كان موضوع السؤال - على سبيل المثال - مسألة في الصلاةº كانت الفتوى في الصلاة¡ وهكذا سائر أبواب العبادات والمعاملات¡ وغير ذلك من مجالات الفتوى.
ومع ذلك¡ فإن موضوع الفتوى يعتريه ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يجيب المفتي على قدر السؤال¡ وعلى ذلك أكثر الفتاوى¡ وقد جاء في كتاب الله تعالى على هذا النحو قوله تعالى في سورة النساء: (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) الآية.. فقد استفتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكلالة¡ فوقع الجواب على قدر السؤال.
الحالة الثانية: أن يجيب عن موضوع السؤال وزيادة يحتاجها السائل¡ وهذا من فقه المفتي وحسن إرشاده¡ ومثاله ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -¡ فقال: يا رسول الله¡ إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء¡ فإن توضأنا به عطشنا¡ أفنتوضأ بماء البحر¿ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:(هو الطهور ماؤه الحل ميتته). « أصحاب السنن».
فالشطر الأول: هو الطهور ماؤه هو جواب السائل¡ ولما كان راكب البحر قد يعرض له أن يأكل من ميتة البحرº أفاده النبي - صلى الله عليه وسلم - بحلها.
الحالة الثالثة: أن يهمل المفتي موضوع السؤال ويجيب بغير سئلº لأن مصلحة المستفتي في ذلك. فمن ذلك ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما أنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - خارجان من المسجد فلقينا رجل عند سُدَّة المسجد «والسدة: الباب»¡ فقال: يا رسول الله متى الساعة¿ « والساعة هنا: الوقت الذي تقوم فيه القيامة¡ وسميت بذلك لسرعة الحساب فيها¡ أو لأنها تفجأ الناس في ساعة¡ فيموت الخلق كلهم بصيحة واحدة» فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:(ما أعددت لها) فكأن الرجل استكان¡ ثم قال: يا رسول الله: ما أعددت لها كبير صيام ولا صلاة ولا صدقة¡ ولكني أحب الله ورسوله. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنت مع من أحببت.
فهذا السائل استفتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن وقت قيام الساعة¡ وكأنه مشفق منها¡ ولما كان وقتها من علم الغيب الذي اختص الله تعالى به¡ وجّه النبي - صلى الله عليه وسلم - السائل إلى ما ينفعه وهو الاستعداد للساعة¡ وهذا الأسلوب يطلق عليه العلماء: الأسلوب الحكيم¡ وهو تلقي السائل بغير ما يطلب مما يهمه أو هو أهم منه.
ولا يخفى أن ذلك يستدعي من الشخص الذي يتلقى الأسئلة أن يكون على قدر من الحكمة والفطنة ولا يكفي فقط التحصيل العلمي المؤهل لمعرفة الجواب.




http://www.alriyadh.com/1789816]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]