قال أحد تجار الصناديق الائتمانية في وول ستريت: أول علاوة لي كانت قبل خمس سنوات وقدرها 40 ألف دولار¡ وكانت فرحة عظيمة لي¡ أما اليوم فقد حصلت قبل بضعة أسابيع على مبلغ مليون ونصف المليون دولار وحنقتº لأنه لم يرتقِ لتطلعاتي.
هذا الرجل يأتي من وول ستريت وهي المدينة المالية في نيويورك¡ التي تضم الصيرفيين وتجار المال¡ من ينجح هناك ولو قليلًا ينعم بثراء فاحش¡ ولكن كما ترى فإنهم بعد فترة من الحصول على المال وتكويمه ومطاردته وشراء كل ما يمكن شراؤه به¡ إلا أن بعضهم يلاحظ أن هذا لم يرضهم روحيًا ونفسيًا¡ بل يجعلهم أسوأ بكثير.
ما سبب ذلك¿ المال في حد ذاته يمكن أن يكون مشكلةº لأن كنز المال يعتبر نوعًا من الإدمان¡ فمدمن الخمر أو المخدرات لا يمكن أن يتصور نفسه يفعل شيئًا آخر¡ وكلما أخذ المدمن جرعة من خمر زاد هذا تعطشه للمزيد¡ وهكذا يغوص في حفرة من صنع يده لا قرار لها¡ إلى أن يصل إلى القاع¡ والقاع إما الدمار وإما أن يستيقظ ويغيّر رؤيته¡ وهذا بالضبط حال جامع المال¡ فلا يرضيه ما وصل إليه ويطمع في المزيد¡ ويظل هكذا حتى يأتي الدمار (مثل أزمة 2008م المالية الطاحنة) ويجعله يغيّر رؤيته أو يظل كما هو في سعيه وراء شيءٍ لا ينتهي ولا يُحاط به. لتقريب الفكرة تأمل مادة البوتاسيوم: إنها مادة أساسية يحتاجها القلب ويتعطل الجسم بدونها¡ نحتاج كمية معينة منها كل يوم¡ ولكن ماذا لو قال شخص: كلما زاد تناولي للبوتاسيوم زادت صحتي¿ خاطئ! بل سيضر نفسه هكذا¡ ويسبب فشل الكلية والسكري¡ ولكن إذا وصل إلى مرحة الإدمان على البوتاسيوم فلن يدرك هذا ولن ينتبهº لأنه مدمن يلاحق جرعته¡ فالمدمن في طورٍ عقلي آخر وليس كالسليم¡ وقل هذا عن مدمن جمع المال.
ذكرني هذا بقوله صلى الله عليه وسلم: «لو أن ابن آدم أعطي واديًا ملأى من ذهب أحب إليه ثانيًا¡ ولو أعطي ثانيًا أحب إليه ثالثًا¡ ولا يسد جوف ابن آدم إلا التراب¡ ويتوب الله على من تاب».




http://www.alriyadh.com/1795070]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]