يمضي الرئيس التركي في مغامراته المكلفة¡ مستنفداً رصيد بلاده من الثقة الدولية¡ والعلاقات الطبيعية¡ وممزقاً تحالفات تاريخية لطالما كانت ذخيرة استراتيجية لأنقرة عبر عقود طويلة.
التوجّه التركي لتصعيد تدخلها في ليبيا¡ أثبت أن أردوغان لم يستفد من الدرس الإيراني¡ وأنه ماضٍ في تحويل بلاده لتصبح بمثابة «إيران جديدة»¡ توزع الاضطرابات والأزمات حيثما تحل¡ منخرطاً في تحالف الدول المنبوذة¡ وهو في استراتيجيته العبثية هذه يعتقد أنه يعمل على تثبيت تركيا كقوة إقليمية وازنة¡ وأنه على الطريق الصحيح لتحقيق حلمه بالزعامة الإقليمية¡ وهذا للمفارقة نفس الطموح الذي يستولي على أذهان النظام المتطرف في إيران¡ وقادهم في طريق العزلة والانحدار الاقتصادي¡ مخلفاً عداءً مكتوماً بين النظام وشعبه¡ بدأت بوادره تتصاعد شعبياً منذرة بثورة كبرى.
ولم يكن الدرس الإيراني وحده ما عجز أردوغان عن قراءته واستيعابه¡ بل إنه عجز أيضاً عن إدراك انحسار مشروعه في المنطقة¡ من مصر إلى السودان مروراً بسورية¡ ووصولاً إلى ليبيا¡ حيث يبدو جلياً أن استراتيجيته لزيادة نفوذ بلاده لم تؤتِ أكلها في أي مكان¡ بل على العكس أفقدته علاقات وتحالفات تاريخية¡ وخصمت من مكانة وثقل تركيا الاستراتيجي¡ وحتى داخلياً¡ عززت الانقسام السياسي داخل تركيا¡ ودهورت الاقتصاد¡ وتراجعت شعبيته بشكل واسع.
يبدو أن الرئيس التركي يعتقد أن ليبيا ستكون ميدان معركته الأخيرة بعد خسائره المتوالية في بقية الميادين¡ ولكن هذه المرة سيناطح الدب الروسي الذي لم يخفِ قلقه من النيات التركية في ليبيا¡ الأمر الذي سيزيد من تعقيد أزمات أردوغان¡ ويعمق عزلته الإقليمية والدولية¡ ليضاف إلى دروسه الضائعة درساً جديداً¡ لكنه درس سينهي طموحات وأوهام أردوغان¡ وسيجد أن كل ما فعله¡ أنه نقل تركيا من دولة استراتيجية مهمة ومؤثرة إلى عضو جديد في تحالف الدول المنبوذة.




http://www.alriyadh.com/1795534]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]