ما قدمته في هذه المقالة ما هو إلا أمثلة فقط على جهود هذه البلاد المعطاء لمعالجة مشكلات الأمة العربية والإسلامية ودول العالم الأخرى¡ والسعي لحلها عندما تواجهها الأزمات¡ أو تحتاج إلى دعم في المجالات التنموية المختلفة..
الأيادي البيضاء للمملكة العربية السعودية في جميع أنحاء العالم لمساعدة الشعوب في أزماتهم وكوارثهم واضحة للعيان¡ ولا يمكن أن ينكرها إلا جاهد أو حاقد. وهذه الأيادي البيضاء لم تبدأ اليوم¡ وإنما كانت يد المملكة ممدودة للجميع من دون استثناء منذ توحيدها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز -رحمه الله-. هدفها الانفتاح على العالم¡ مع الالتزام بقضايا الأمة العربية والإسلامية¡ والقضايا الإنسانية في العالم كله¡ لإيمانها بالسلام العالمي المبني على العدل والإنصاف والحكمة والعقل والتعاون البناء لخير الإنسانية جمعاء.
والمملكة في مبادراتها الإنسانية المتعددة على مر السنوات ترفض استغلال المواقف¡ أو تحقيق الاستفادة الآنية¡ بل تنطلق في كل ذلك من إيمانها الراسخ بالمساواة بين جميع البشر مهما اختلفت أجناسهم وأديانهم ومذاهبهم¡ فالعمل الإنساني الذي تنبته المملكة ينطلق من هذه المنطلقات الرائدة التي تعززها المبادئ الإنسانية الثابتة¡ فتشارك في مواجهة هموم الإنسان في كل مكان عن رضا وقناعة مستمدة أصولها من سماحة الإسلام¡ والأعراف الإنسانية السليمة. ولهذا نجد أن هذه المبادرات الإنسانية دائماً ما تحظى بالترحيب والقبول في كل مكان تذهب إليه¡ فيتحقق لها النجاح والإيجابية وتكتسب من خلالها السمعة الدولية المرموقة.
وتاريخياً كان للمملكة مواقف مشرفة منذ عهد الملك عبدالعزيز – رحمه الله- في دعم الاستقرار ومساعدة الشعوب المستضعفة. ولنا في القضية الفلسطينية خير شاهد حينما رفض الملك عبدالعزيز الواقع الذي سعت الدول الكبرى لفرضه على فلسطين¡ وتمكين اليهود من إقامة دولة على حساب ممتلكات هذا الشعب وأرضه وبيوته ومزارعة¡ فقدم مقترحات تتضمن حلاً نهائياً للقضية الفلسطينية¡ كما كان - رحمه الله- صاحب فكرة إنشاء الجامعة العربية¡ فسخر مكانة المملكة ومكانته هو شخصيًا من أجل تحقيق هذا الحلم. ولا ننسى دعوته لعقد المؤتمر الإسلامي في مكة المكرمة في 26 من ذي القعدة 1344هـ الموافق17 يونيو 1926م والذي توصل إلى قرارات هدفها تحقيق الوحدة الإسلامية بين جميع الشعوب الإسلامية.
وهكذا أيضاً في عهد الملك سعود -رحمه الله- ظهر أول ميثاق إسلامي عام 1375هـ لتقوية أواصر الثقة والأخوة الإسلامية. ليعلن قيام أول مؤسسة عالمية إسلامية شعبية عام 1382هـ وهي رابطة العالم الإسلامي. واستمر هذا النهج في عهد الملك فيصل - رحمه الله- الذي كان مهتماً بأمر المسلمين في كل مكان¡ ودعا إلى إقامة علاقات قوية بين الدول الإسلامية¡ ونادى بالتضامن الإسلامي. حتى أصبح رائداً له¡ فتأسست منظمة المؤتمر الإسلامي (التعاون الإسلامي حالياً)¡ والتي أصبحت هيئة دولية تهتم بتعزيز التضامن والتعاون بين الدول الإسلامية.
وتحركت الأيادي البيضاء مرة أخرى لدعم لبنان بعد اندلاع الحرب الأهلية عام 1975م¡ فخلاف الدعم المادي لتخفيف معاناة الشعب اللبناني¡ دعت إلى مؤتمر الوفاق الذي عقد في مدينة الطائف عام 1989م¡ والذي أثمر عن اتفاق الطائف الذي يكفل لجميع الأطراف حقوقهم¡ ويضمن للبنان وحدته وسيادته.
وفي الحرب الأهلية الصومالية أسهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد – رحمه الله- في تحقيق المصالحة بين الأطراف المتصارعة¡ فاستضافت المملكة اجتماعاً بين أطراف النزاع الصومالي في جدة عام 1412هـ الموافق 1992م¡ وتم التوقيع على وثيقة إنهاء الحرب الأهلية. وقدمت المملكة المساعدات العينية والمالية للشعب الصومالي.
ونتذكر موقف المملكة من مأساة البوسنة والهرسك حينما امتدت الأيادي البيضاء لجمع التبرعات لهم في كافة أنحاء المملكة¡ وساعدت في الانتصار له في المحافل الدولية¡ فقدمت الدعم السياسي والمادي والإنساني¡ وأقامت مخيمات للاجئين فى ألبانيا¡ ونقلت مئات الجرحى للعلاج فى المملكة حتى أصبح الموقف السعودي هو البوصلة التي توجه مواقف الدول تجاه البوسنة والهرسك.
وما قدمته في هذه المقالة ما هو إلا أمثلة فقط على جهود هذه البلاد المعطاء لمعالجة مشكلات الأمة العربية والإسلامية ودول العالم الأخرى¡ والسعي لحلها عندما تواجهها الأزمات¡ أو تحتاج إلى دعم في المجالات التنموية المختلفة¡ فتقوم بما يمليه عليها واجبها الإسلامي تجاه هذه الدول لدعم خطط وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في دول العالم الثالث وغيرها من الدول الأخرى.
هذه هي سياسة المملكة المبنية على المبادىء الإنسانية المستمدة من روح الإسلام والأعراف الإنسانية¡ تنتقل فيها من الموقف الرشيد إلى المساعي الحميدة¡ ومن الموقف والمساعي إلى المبادرات الملتزمة بالحق والإنصاف والمصلحة المشتركة والحياد الإيجابي¡ إنها مواقف الشرف والحق والخير من عهد مؤسسها وحتى عصرنا الحاضر¡ فإسهاماتها مشهود لها في بناء علاقات عربية وإسلامية على مستوى الجامعة العربية¡ ورابطة العالم الإسلامي ومنظمة التعاون الإسلامي¡ ودائماً مانراها مبادرة في الكثير من المواقف والأزمات التي مرت بها البلاد العربية والإسلامية تتقدم بيد العون لهم حتى وصلت إلى إنجازات غير مسبوقة على الصعيد الدولي.
وفي المقالة القادمة سأتناول جهود مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية فما يقوم به هذا المركز من جهود جبارة في جميع أنحاء العالم لتخفيف المعاناة عن أبناء الشعوب يستحق نظرة فاحصة في العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان¡ وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-.




http://www.alriyadh.com/1797663]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]