كان يوم الأول من فبراير 2020 آخر أيام عضويّة بريطانيا في الاتحاد الأوروبي¡ وتم سحب علمها من منصة أعلام دول الاتحاد بعد أعوام من الأخذ والرد. والحقيقة أن بريطانيا بدأت فعليًا في حسم نيتها بعد ظهور نتيجة استفتاء عام (شارك فيه قرابة 30 مليون مواطن) كانت قد أجرته الحكومة يونيو 2016¡ حيث اختار 17.4 مليون بريطاني خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي (52% من المصوتين مع الخروج مقارنة بـ48% ضده).
وقد حاولت بعض الدراسات ومسوح الرأي العام التي أجريت قبل الخروج النهائي لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي¡ بحث وتحليل بعض الأسباب الظاهرة لتفضيل الخروج من وجهة نظر الشعب البريطاني. وكان على رأس هذه الأسباب الخشية على سيادة القرار البريطاني¡ ومشكلات تدفق المهاجرين من دول أوروبا¡ وقضايا الهويّة والثقافة¡ وبطبيعة الحال كان الاقتصاد على رأس ارتباطات هذه العوامل المشتركة.
ومن المعلوم أن البريطانيين ترددوا منذ البداية في قبول "الفكرة الأوروبيّة" وظلوا قرابة 16 عامًا يدرسون فكرة الانضمام إلى المجموعة الاقتصاديّة الأوروبيّة¡ وهي النواة الأولى للاتحاد الأوروبي. كما بقيت الاتفاقيات المؤسسة للتكامل الأوروبي وأشهرها معاهدة ماستريخت (1991) محل جدال بريطاني وكادت تطيح بحكومة جون ميجور عام 1993. وكان التردد نحو أوروبا ظاهرة بريطانيّةº حيث لم تلغ الجنيه الإسترليني¡ ولم تنضم إلى اتفاقيّة الشنغن وغيرهما.
نعم ستواجه بريطانيا تبعات مزعجة جراء خروجها¡ مثل مسألة الحدود الإيرلنديّة (حاليًا لا توجد نقاط تفتيش أو جمارك على الحدود بين جزأي جزيرة إيرلندا)¡ وترتيبات دفع مبلغ (ديون) يقترب من 40 مليار جنيه إسترليني للاتحاد الأوروبي¡ وإشكالات ما يزيد على 3.6 ملايين مهاجر أوروبي يقيمون ويعملون في بريطانيا¡ وقرابة ثلث هذا الرقم من البريطانيين المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي. ولكن الدهاء البريطاني سيجد مخارج كثيرة خاصة مع وجود فترة انتقاليّة حتى اكتمال الخروج تنتهي ديسمبر 2020.
تاريخيًا حاول المحافظون البريطانيون وبعض العمال وحلفاؤهم دعم الفكرة الأوروبيّة وإطالة عمرها¡ ولكن الوطنيين والاشتراكيين الاجتماعيين واليسار ومنظومات العداء للمؤسسات نجحوا في إقناع الشعب البريطاني بجدوى الخروج من هيمنة وتكتّل الرأسماليّة الأوروبيّة وعجرفة الفرنسيين والألمان المهيمنين على القرار الأوروبي. ولعل هذا الاتجاه الشعبي العام كان من أسباب اندفاع المحافظين لتبني وقيادة الخروج من الاتحاد الأوروبي بوصفه نصرًا وطنيًا.
قال ومضى:
كيف تفتّش عن مفاتيح سعادتك عند (الناس) ونسيت أنك وحدك من يملكها¿




http://www.alriyadh.com/1802316]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]