نحن لا ننشد بلوغ العام 2030 أن تتحقق فقط مستهدفات رؤية الوطن الطموحة بالوصول إلى الأهداف المنشودة في كافة محاورها وقطاعاتها¡ وإنما نتمنى حتى وقبل بلوغ ذلك التاريخ أن يكون هناك تحول حقيقي ونوعي للثقافة المجتمعية في شأن ما يعول عليه نجاح ما تم رصده من مبادرات وبرامج في رؤية الوطن الواعدة¡ ومن ذلك ما يتعلق بالتحول في المفاهيم والسلوكيات التي تأثرت سابقاً نتيجة التسرع في بعض الفتاوى التي لم تكن تستند على أسس صلبة سوى أنها تمثل وجهة نظر واحدة من عدة وجهات نظر مختلفة¡ ولم يستفد منها سوى منظري مشروع الخطاب الصحوي¡ والذي وظفها كأداة من أدوات فرض الهيمنة على المجتمع وتوجيهه ضمن إطار ما كان يؤمن به من مواقف وقناعات مسبقة تجاه رفض كثير من مناحي الحياة الحضارية الجديدة ومعطياتها كإحدى وسائل المحافظة على بقاء وامتداد تراث ثقافي نشأ نتيجة ذلك الاجتهاد¡ وبالتالي استغلت للهيمنة على العقول وشحن الفكر وبرمجة الرأي ومصادرة الحق في الاختلاف والتساؤل.
من ذلك التحول في المفاهيم الذي ننشده هنا ما شاهدناه في اللقاء التلفزيوني الذي تم مؤخراً مع وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء على إحدى القنوات التلفزيونية الخاصة¡ عندما تجاوز معاليه القيود الثقافية المتجذرة في المؤسسة القضائية بالإصرار الدائم على استخدم مصطلح "نظام" أو "أنظمة" عوضاً عن مفردة "القانون" أو "القوانين"¡ كيلا يكيف استخدام الأخيرة على أنه اعتراف بالقوانين الوضعية ودعوة للتخلي عن ما جاء في كتاب الله والسنة النبوية من منهج متكامل¡ أخذ في الاعتبار أن اختلاف المسميات لا يمنح الإجازات بمعزل عن الغايات¡ وأن القوانين المعمول بها في وطننا ذات طبيعة تشريعية مختلفة عن تلك السائدة في الدول الأخرى¡ لاعتماد ما لدينا من قوانين كلية على شريعتنا الإسلامية الغراء كمصدر رئيس لها.
لذا ونتيجة لما سبق¡ مر التعليم القانوني عند نشأته بمنعطفات ومماحكات ولقي حقه من المعارضات¡ التي وجهت لبعض مظاهر الحياة الحضارية الجديدة على المجتمع في ذلك الوقت¡ وكان التعليم القانوني مجالاً لإصدار الأحكام المسبقة وحدثاً لأصوات الجدال وتصنيف المجتمع ومناسبة لإلصاق التهم المسبقة الحكم والفاقدة لأي مبرر¡ وأثبتت الأيام أن تعليم القوانين لم يكن كما صور للبعض أنه وسيلة أو بديل للحكم بغير -ما أنزل الله- والعياذ بالله¡ وإنما باعتبارها أداة من الأدوات التي منحت وأوكل أمر إصدارها لولي الأمر عند الحاجة للتنظيم التفصيلي لأمر من الأمور الحياتية المستجدة على المجتمع تحت مظلة الشريعة الإسلامية¡ ومن ثم ظهرت الحاجة لإعداد المستشارين القانونيين¡ لكن بالطبع تلك النظرة التشاؤمية للقوانين وتعليمها وتعلمها لم تتغير بين يوم وليلة¡ وأثرت معطياتها على اتجاه بعض النصوص القانونية التي سنت آنذاك وانعكست سلباً على لغة الخطاب ومحتوى الموضوع وغاية المعالجة.




http://www.alriyadh.com/1807438]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]