نتحدث دوماً عن الموظف المثالي¡ عن مسؤولياته وواجباته¡ عن صفاته وكيفية تعامله مع زملائه¡ والأهم مع مديره¡ لكننا نتجاهل ذلك المدير الذي يؤثر وجوده في أي موظف مهما كان مثالياً.
نفترض أن الموظف المثالي الذي يرتقي السلم الإداري قادرٌ على أن يكون مديراً مثالياً¡ بينما الواقع للأسف يفصح عن ممارسات غريبة وتترس إداري لا يفهم¡ فالبعض يتنقل من كونه مرؤساً إلى رئيساً لكن أسلوب تعامله مع المحيطين من حوله لا يتغير! فلا يدرك ضرورة تطوّر دوره نحو التخطيط والمتابعة والتوجيه والإرشاد¡ بل يستمر في أداء ما يبرع فيه من وظيفة¡ خصوصاً إن كان قادماً من تخصص فني¡ فلا يستطيع أن يخرج من قوقعة تخصصه ولا مجال خبراته¡ يُدخل أنفه في تفاصيل التفاصيل فلا يجد وقتاً للتخطيط والقيادة الاستراتيجية¡ ولا يهتم بالتوجيه والإرشاد¡ فيكون كمن حكم على نفسه والمنظمة بالفشل الذريع.
آخرون يتحولون من ذلك الزميل الوديع اللطيف إلى الوحش الكاسر¡ الذي لا يهنأ له بال دون أن ينغص على الجميع حياتهم¡ يلاحقهم صباح مساء¡ لا يعرف من الإدارة إلا التسلط والجبروت¡ يحرص على تدمير بيئة العمل بسبق إصرار وترصد¡ حتى لا يذر حوله سوى الفاشلين والخائفين من الهروب¡ وبين هذين النموذجين نماذج متعددة¡ تتأرجح بين الإفراط والتفريط.
قد يجادل البعض في أن الإدارة موهبة لا تكتسب¡ لكنني مؤمن أن هناك ممارسات يستطيع من خلالها المدير تحسين أسلوب إدارته والرقي بها نحو أن تقترب من المثالية¡ يأتي على رأسها أن يكون نموذج قدوة صادقة لموظفيه¡ في الإيمان برؤية المنظمة ورسالتها¡ وبالالتزام العملي¡ والحرص على تطوير الذات والمهارات¡ لا بد أن يكون صاحب رؤية واضحة¡ تجعل من موظفيه ركناً أساسياً من رحلة تحقيق الأهداف¡ عبر إشراكهم في صناعتها وآلية العمل¡ وأن يكون منفتحاً ومتقبلاً للأفكار والاقتراحات¡ التي غالباً ما تشيع جواً إيجابياً في المنظمة¡ شريطة أن تكون ضمن إطار محدد¡ وليست وسيلة لاختراق التراتبية الإدارية¡ وهو ما يتوافق مع نتائج استفتاء طرحته على متابعي في توتير قبل أيام عن أهم الصفات التي تتمناها في مديرك¿ فكان أن تربعت الرؤية الواضحة في المقدمة¡ ثم تقبل الآراء والمرونة¡ ثم البعد عن الصغائر¡ وجاء الامتتان والكرم آخرها!
يقلل البعض من أهميته المدير وأثره على موظفيه ليس فقط في ساعات عمله¡ بل في مجمل الحياة¡ لكنه في الواقع أحد أهم العوامل المؤثرة على نفسية المرء¡ فالمدير المثالي يشيع مساحة من الوضوح والرضا في منظمته¡ مما ينعكس إيجاباً على الصحة النفسية لموظفيه¡ على عكس أولئك الذين لا يهتمون إلا بتحقيق الأهداف فقط مهما كلف الأمر¡ لذا قد يكون اختيار المدير أحد أهم عوامل اختيار الوظيفة أو البقاء فيها¡ خاصة إن كان مديراً مثالياً.




http://www.alriyadh.com/1808988]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]