برغم التسونامي الشرس لوباء كورونا الذي هبّت ريحه الشرسة مخترقة حدود الدولº ولم تتجاسر أيّ قوة لكبح جماحه وتفلّته¡ إلاّ أن ثمة دروسًا مستخلصة منه يمكن استثمارها مستقبلًا لعلّ أهمها أن تعزيز التضامن بين الدول بات أكثر ضرورة من ذي قبلº وأن السلام والتسامح اللذين دعت إليهما جميع الأديان والشرائع يمسحان الصورة القاتمة التي رسمها الصراع الذي أنتجته حركة العولمة¡ واشتعلت بسببه الحروب التقنية والسياسية والاقتصادية¡ ولم يجنِ منها البشر سوى الهباء والدمار وانتشار ثقافة النبذ والإقصاء والكراهية.
اليوم جاءت هذه الجائحة «كورونا» باثّة الذُعر والهلع بين بني البشر وأعادت أفرادًا وقيادات سياسية إلى حالة من التأمّل والرغبة في التعاون وأهمية ردم الفجوة بيننا كدول وشعوب للمحافظة على هذا الكوكب الذي يجمعنا¡ شريطة توافر حسن النوايا والشعور بالأخطار والهموم المشتركة.
ولعل من الواجب التأكيد على أهمية تفعيل مراكزنا البحثية لتفعيل أدوارها حيال التعاطي معرفيًا وسوسيولوجيًا مع هذا الفيروس¡ الذي أثبت فقر البحوث فيما يخص دراسات الأمراض الوبائية على اعتبار أن علم الوبائيات حقل مهم يندرج تحت دائرة علم الاجتماع الذي يُعنى بالإنسان وصحّته العامة. فقد أثبتت الدراسات أن المرض والعوامل المجتمعية والثقافية أيضًا من العوامل المؤثرة في انتشار المرض وكبحه¡ سيما إذا أدركنا أن العوامل البيولوجية لم تعد وحدها المؤثرة في انتشار المرض.
في المملكة لا يمكن تجاوز تجربتنا الثرية المهمة التي حصدت إعجاب وتقدير العالم¡ لا من حيث الإجراءات الاستباقية ولا القرارات التاريخية التي قامت بها القيادة من حيث رصد المليارات وكل الإمكانات المادية والبشرية للتصدي لهذا الوباء. وقد لمسنا جميعًا نجاعة تلك القرارات والإجراءات لدرجة أنها باتت أنموذجًا ومرجعية للعالم بأكمله. بقي أن نشدد على أهمية الوعي لدى المواطنين في الامتثال للقرارات التي تصب في مصلحة الجميع¡ والتذكير بأن أي إخلال بها هو تعويق وتعطيل لمسيرة جهود الدولة السخية وتبديد للأوقات ومنح الوباء فرصة التمدد والتغوّل بشكل لا يحمد عقباه.
إن هدف حكومتنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده¡ أن نبقى مجتمعًا مثاليًا يتمتع بصحة وسلامة تامّين¡ تتحقق معهما حالة السلامة الجسدية والنفسية والكفاية البدنية والاجتماعية الخالية من الأمراض والأوبئةº وهو حلم ليس بالعسير متى ما تعاطينا مع المتغيرات والأحداث بمسؤولية وطنية ودينية وأخلاقية. كورونا امتحان أخلاقي بالدرجة الأولى.




http://www.alriyadh.com/1811976]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]