أكثر الناس تفاؤلاً لن يتوقع أن الأمور قبل كورونا لن تعود كما كانت قبلها¡ في الوقت القريبº فحتى الغبار العابر للسماء والطرقات والسطوحº لن يترك الأرض التي عبرها لدقائق أو ساعات كما كانتº فلا بد بعد عبوره وهدوء أمره من تنظيف المنازل والسيارات والشوارع والوجوه لتعود سيرة الحياة كما كانت. هذا وهو غبار¡ فكيف بكوارث محددة في الزمان والمكان سلفاً¡ مثل الاضطرابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية! هذه تخلف أضراراً أقوى وأمر¡ من تلك التي خلفها الغبار¡ لكنها تعبر أو تخف أو تنام لتستيقظ بين وقت وآخرº لكنها في العموم تظل متوقعة¡ وطرق علاجها دائمة.
لكن هناك جوائح شاملة مثل الحروب العلمية التي تنطوي على عديد من الأسرار من شأنها جلب المنافع لمطلقيها¡ من اقوات أمم ضعيفة في التفوق العلمي والاقتصادي والدفاعي¡ ومع هذ تأتي بين وقت وآخر الأوبئة العابرة للقارات من الأنفلونزا الاسبانية إلى الآيدز وأنفلونزا الدجاج والطاعون. هذه الجوائح جعلت العالم الذي يشبه حبات السبحة يئن أنة واحدة ممتدة¡ وبالغة الأثر على كل ما يدب على الأرض ويطير في السماء¡ ويعتمل في النفوس.
"كورونا" أوقفت عجلة الإنتاج¡ وحركة الناس¡ وأشاعت التوجس في كافة البقاع من دون أن تتمكن دولة واحدة من التوصل إلى بصيص أمل يعيد بعض الطمأنينة إلى النفوس والدول التي تضررت. أعتى الدول أصبحت تعيش المأزق عاجزة عن نجدة نفسها وأهلها. في ظل هكذا مأزق لم تعد حركة الإنتاج هي حركة الإنتاج¡ ولم تعد الوظائف هي الوظائفº أصبح كل قائم على وظيفة برسم التسريح أو تخفيض الراتب¡ ولا أحد يحتج¡ فقد أصبحت العين بصيرة واليد قصيرة¡ وهي حالة لم تحدث بمثل هذه القوة والشراسة إلا مع هذا الوباء الذي تمدد وتمكن كالنار¡ دون أن تستطيع قوة إيقافه¡ أو الحد من أضراره!
وقد شرعت العديد من الدول¡ عندما أحست أن الضيف الثقيل سوف يكون بينهم لأمد غير محدد¡ إلى الشروع في رسم خطط وتدابير جديدة¡ حتى لا يصبح عليها صبح¡ تكون فيه برسم الإفلاسº خصوصاً أن الدول والصناديق المقرضة باتت تعيش نفس المأزق. لم يعد هناك من حل أمام الدول¡ كبيرها وصغيرها¡ إلا اللجوء إلى الاحتياطي¡ لكن الاحتياطي نفسه لن يسعف دولاً ولا أفراداً على الدوام¡ في ظل مستقبل بالغ الغموض.
ورغم كل هذه المؤشرات المحزنة¡ فإن علينا كما على أمم الأرض كلها¡ أن نلجأ إلى الماضي¡ ذلك الماضي الذي لم يمت أحد فيه¡ بسبب الجوع أو الفاقةº عندما كانت الأرزاق محددة¡ وعجلة الإنتاج متوقفة أو معطلة أو ليست موجودة من الأساس! لقد عشت طرفا من أيام الضنك تلكº فمشيت من شرق الرياض إلى غربها لثلاث ساعات متواصلةº لأنني لم أكن أملك أربعة قروش رسم ركوب الباص¡ من حي المرقب شرق الرياض¡ إلى جوار جامع ابن عدوان بحي الشميسي غرب الرياض¡ ومثلي في ذلك الوقت كثير¡ من الأمم والسكانº لكننا أمة الصحراء¡ مثل الطائر الخرافي¡ نفضنا ريشنا وواصلنا الطيران نحو الرفاهيةº لن تخسر شيئاً وانت تجاهد في التغلب على هذه الأزمة¡إذا عدت مؤقتاً إلى ذلك الوقت!




http://www.alriyadh.com/1819995]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]