كلما تعرفت على تجربة متميزة¡ أو أداء يتسم بالإخلاص والجودة والأخلاق العالية في أي مجال¡ أجد من الواجب التعريف بالتجربة أو الأداء¡ والإشادة بها¡ وتقدير من يفعل ذلك حتى وإن كان يفضل العمل بصمت.
صاحبنا اليوم هو الأخ (..) الذي يعمل في (..)¡ لم أذكر الاسم ولا الوظيفة لأن هذا الموظف يصر أن يعمل بصمت وأن ما يقوم به واجب ومسؤولية وأنه يعمل ضمن منظومة ينسب لها النجاح وليس لفرد واحد.
هذا الموظف هو من فئة الموظفين الذين تتوفر فيهم الرقابة الذاتية وما ينتج عن ذلك من أمانة وعمل رائع يجمع بين القيم المهنية والأخلاقية. من خلال التجربة تعرفت على هذا التميز وقررت أن أشيد به علناً كما فعلت مع غيره في مجالات مختلفة¡ لم يوافق وقال لي إن ما يقوم به هو نتاج عمل منظومة وأنه يفضل العمل بصمت. لم أستسلم وقلت له إنني أقدر رغبته ولكني أكتب تقديراً له ولغيره ولفائدة الجميع. لم يوافق للسبب المذكور آنفاً. قررت أن أكتب عن الفكرة بشكل عام.
هذا الموظف نموذج للموظف الحكومي المخلص¡ ويوجد مثله كثير في القطاع الحكومي وهؤلاء يقدمون صورة جميلة عن الأداء في القطاع الحكومي مختلفة عن الانطباع الجاهز السلبي الذي لا يتغير مع الزمن مع أنه بدأ يتغير الى الأفضل.
هذا الموظف يقوم بعمل مهم يتضمن التعامل مع ملاحظات وشكاوى الجمهور. يقوم بهذه المهمة بأسلوب مهذب¡ وتجاوب سريع¡ وأداء لا يمكن أن يكتفي بالحد الأدنى. موظف يملك التحفيز الذاتي والرقابة الذاتية¡ والرغبة الصادقة في خدمة الوطن من خلال وظيفته.
هذا الموظف ومن يماثله لا يحتاجون إلى متابعة¡ هؤلاء يقدمون أفضل ما لديهم ولا يفعلون ذلك سعياً للمكافآت أو كلمات الشكر والتقدير¡ وهم في الحقيقة يستحقون ذلك وهذه مسؤولية المديرين والمشرفين ورؤساء الأقسام.
يقابلك هذا الموظف بالترحيب والابتسام وكأنه يعرفك أو كأنك ضيف تزوره في بيته. ثم يفتح لك الطريق بالسؤال الجميل¡ كيف أخدمك¿ وإذا اتصلت عبر الهاتف ستجد نفس الترحيب والتهذيب في التعامل والتعاون.
ما أكثر هؤلاء المخلصين العاملين بصمت غير الباحثين عن الأضواء. هذه رغبتهم ويجب أن تقدر¡ ولكن هذا لا يعني تجاهلهم داخل الجهة التي يعملون فيها¡ يجب اكتشافهم وتقديرهم والاستفادة منهم في تعزيز الرقابة الذاتية.




http://www.alriyadh.com/1827560]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]