واقعنا الراهن إعلامياً يحتاج للتماشي مع رؤية 2030 الاستراتيجية التي تمثل منطلقاً سعودياً خالصاً للتحديث والتنمية على كافة المحاور¡ اعتماداً على عقل وسواعد المواطن أولاً¡ واستغلالاً لكافة الإمكانات الراسخة اقتصادياً وتاريخياً وتقليدياً ثانياً..
أثار شجوني ما خطه يراع معالي الدكتور المخضرم**د. ساعد خضر العرابي الحارثي¡ على صفحات الشقيقة (الجزيرة) تحت عنوان "الإعلام الحاضر.. والإجابات المفقودة"**حيث لامس براعة الهاجس الذي يشغلنا جميعاً -مواطنين وإعلاميين- في هذه المرحلة الحساسة من عمر مسيرة بلادنا المظفرة¡ وهو الإعلام بمختلف محاوره المكتوبة والمقروءة والمسموعة¡ وحتى مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بـ "الإعلام الجديد" الرقمي والإليكتروني.. ويطرح علينا السؤال الموجع عن "مستوى ما تستحقه المملكة من إعلام مهني قوي في الداخل والخارج يقوم بأدواره في البناء والتنمية والتغيير وبناء التوجهات وبلورة المواقف على أساس من المعرفة المهنية وليس الخطابة الدعائية" بتعبيره.
ربما كانت خبرتي طيلة مسيرة نصف قرن¡ من العمل الإعلامي¡ والصحفي تحديداً متدرجاً في مسؤولياته ومراحله المتعددة والمتنوعة¡ تجعلني أتفق كثيراً مع غالبية ما طرحه الدكتور الحارثي¡ من وجود عراقيل أو متاعب مهنية كثيرة في محاور عملنا الإعلامي¡ وهي لا تحتاج لتذكير أو تكرار¡ ولكني لست متفقاً إطلاقاً مع بعض الآراء "الناقمة" التي تهيل التراب على مسيرة عقود من مسيرة إعلامنا السعودي بهذه البساطة¡ خاصة في المراحل الماضية¡ لسبب منطقي -إن لم يكن موضوعياً- ويتلخص في تلك النظرية المنهجية التي تقول إنه عندما نحاول تقييم تجربة ما¡ في مرحلة سابقة¡ فعلينا أن نقيّمها بمعايير وقتها وظرفها الآني¡ وليس بمعاييرنا اليوم..**أي أنه يجب علينا ببساطة¡ أن نعامل أي تجربة بمعايير وقتها¡ وملابساتها وإمكاناتها ودوافعها وحوافزها أيضاً.
صحيح أننا الآن نتطلع لإعلام سعودي وطني حقيقي¡ يمتلك أدواته الفكرية والمنهجية¡ ويواجه إشكاليات العصرنة بكافة آفاقها المفتوحة¡ في اللغة أو الخطاب أو الهدف¡ اعتماداً على الإنسان/ العقل أولاً¡ خاصة وأن التحديات التي تواجهنا كثيرة وتمثل خطورة بالغة في عصر الإعلام المفتوح في الفضاء المفتوح¡ وهذه مهمة شاقة بلا أدنى شك¡ وتحتاج استراتيجية جديدة تماماً بأدوات وأفكار من خارج الصندوق تلبي الطموح من جهة¡ ومن جهة أخرى تستطيع مجاراة الواقع ومواجهة إشكالياته داخلياً وخارجياً.
وهنا¡ ومع تغير التحديات وتعدد الإشكاليات يكون من الظلم الفادح تطبيق طموح اليوم¡ على ما كان طموحاً بالأمس¡ لاختلاف الظروف والمناخ ومعهما الأدوات ونوعية التحديات ذاتها¡ ومع ذلك لا أختلف كثيراً مع "هواجس" الدكتور الحارثي¡ واقتحامه بجرأة -أحسده عليها- لهذا الملف الشائك بكل إشكالاته التنظيمية والمعرفية والأدائية¡ تستوجب التقدير والامتنان¡ ولو من باب فتح الجرح بشجاعة ووضعه أمام مشرط الجراح لاتخاذ قرار التطوير والارتقاء المأمولين.
أعترف أن واقعنا الراهن إعلامياً يحتاج لبعض الوقفات¡ أهمها ضرورة تماشيه مع رؤية 2030 الاستراتيجية التي تمثل منطلقاً سعودياً خالصاً للتحديث والتنمية على كافة المحاور¡ اعتماداً على عقل وسواعد المواطن أولاً¡ واستغلالاً لكافة الإمكانات الراسخة اقتصادياً وتاريخياً وتقليدياً ثانياً¡ وأيضاً للوقوف بشجاعة ضد كل المخططات والأجندات التآمرية إقليمية كانت أو دولية¡ وبالتالي أتفق تماماً مع الدكتور الحارثي على ضرورة "أن يكون الإعلام هو السباق.. بل كان يفترض أن يكون هو حصان عربة التطور والبناء والتغيير في المملكة" لأن الإعلام الواعي كما قال أيضاً "أهم وسائل مكونات التنمية والبناء.. وكذا صناعة المواقف وبلورة الاتجاهات.. إلا أن إعلامنا على الرغم مما قام به من نشاط في حدود قدرته لم يكن للأسف على مستوى الحركة والقفزات التي شهدتها ساحة المملكة في نواحي الحياة المختلفة.. الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية والبُنى التحتية ومكونات أخرى عديدة مما جعل من المملكة دولة عصرية الحضارة تقف في مصاف كثير من الدول المقدمة في العالم".
إنها دعوة جديرة بالمناقشة من قبل ذوي الاختصاص¡ بمثل ما هي فرصة أمامنا جميعاً لنقل إعلامنا إلى مصاف التحدي بنوع من الرغبة والقدرة¡ وهما لا ينقصاننا أبداً.




http://www.alriyadh.com/1827950]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]