لاحظت الممرضات ومشرفو التجارب السريرية أن متطوعي تجربة المركب الجديد لعلاج ضغط الدم والذبحة الصدرية من الذكور يتحرجون خلال الكشف السريري! كانت تلك هي أولى الملاحظات التي قادت إلى تغيير مسار أحد الأدوية ليكون الأكثر نجاحاً في التاريخ قبل أكثر من خمسة وعشرين عاماً!
القصة بدأت العام 1989م حينما قام فريق من الصيادلة والكيميائيين في فرع شركة فايزر الدوائية في مدينة "ساندويتش" جنوبي شرقي إنجلترا بتطوير آلاف المركبات تملك القدرة الكيميائية على تمدد الأوعية الدموية¡ بواسطة التأثير على إنزيم PDE-5¡ ثم مرور تلكم المركبات بمراحل تطوير الدواء¡ حتى الوصول إلى مركب واحد أطلق عليه رمز UK-92¡480 يحوي المادة الفعالة: " سترات**السايلدنفيل".
أظهر المركب الجديد تأثيراً إيجابياً على حيوانات التجارب¡ ما جعل المركب يتقدم إلى مراحل التجارب السريرية على البشر¡ التي قادها الكيميائي والطبيب البريطاني "إيان أوسترلوه"¡ غير أن المركب حقق نتائج محدودة على الذبحة الصدرية¡ وكاد يخرج من السباقº إلا أن ما التقطته فرق التمريض أبقى المركب تحت الدراسة والتحليل.
الممرضات لاحظن حين فحص الذكور المشاركين في تجارب الدواء السريرية أنهم كانوا يستلقون على بطونهم¡ نظراً لشعورهم بالإحراج من انتصاب العضو الذكري! ناهيك عن الملاحظات التي سجلت على لسان المشاركين¡ بالإضافة إلى احتفاظهم بالمتبقى من المركب¡ بل طلب أقراص إضافية!
تبين أن تأثير المركب يتجه مباشرة لتوسعة أوعية القضيب¡ ما ساهم في تحسين الحياة الجنسية للمشاركين في التجارب¡ قررت "فايز" أن تستغل هذه الصدفة¡ وأن تعمل على تسجيل براءة الملكية الفكرية للمركب الجديد العام 1996م¡ وأن يكون مخصصاً لعلاح ضعف الانتصاب وليس الذبحة الصدرية!
خلال عامين استطاعت الشركة الحصول على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأميركية في مارس 1998م¡ ليسجل "الفياغرا" بأقراصه الزرقاء كأول دواء يؤخذ عن طريق الفم لعلاج ضعف الانتصاب¡ ويعتقد أن اسمه التجاري استوحي من الكلمات الإنجليزية المرادفة للحيوية والرجولة والعذرية¡ وللتناغم النغمي مع شلالات "نياغرا" حيث الانهمار والقوة والتحمّل¡ بينما يفترض البعض أنه مستوحى من الكلمة العتيقة للغة السنسكريتية التي تعني "النمر".
حملة إعلانية ضخمة تزامنت مع طرح الدواء رغم أنه يصرف بوصفة طبية¡ لكن أثره تناقلته الأصداء ما جعله يحقق أرقام مبيعات فلكية¡ تجاوزت الملياري دولار سنوياً¡ حتى العام 2012 حينما انتهت براءة الملكية الفكرية للدواء¡ ما مكّن شركة الأدوية الجنيسة من صناعة نُسخها الأرخص¡ ما جعل الدواء يعيد قصة انتشاره مرة أخرى ويصل إلى فئات أخرى من المجتمع.
خلال السنوات الماضية تمت العودة إلى السبب الأساسي لتطوير المركب¡ والعجيب أنه اعتمد لعلاج ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي.
رغم أنها لم تكن المرة الأولى التي يكتشف فيها دواء بالصدفة¡ وحتماً لن تكون الأخيرة¡ لكنها بالتأكيد من أهم الصدف الدوائية التي ساهمت في سعادة البشرية!




http://www.alriyadh.com/1852058]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]