وقعت 15 دولة من جنوب شرق آسيا والمحيط الهادي الأسبوع الماضي¡ في قمة افتراضية استضافتها فيتنام¡ على أكبر اتفاق للتجارة الحرة في العالم -تحت مسمى الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة¡ والتي تشكل الدول المنظمة إليها ثلث الاقتصاد العالمي. وبهذا يكون قد أسدل الستار على مرحلة مهمة من الصراع بين الولايات المتحدة والصين من أجل الهيمنة الاقتصادية على البلدان الواقعة حول المحيط الهادي. وليس ذلك وحسب¡ فالتوقيع على أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم¡ هو بمثابة تحول كبير نحو عالم اقتصادي تقوده التكتلات الاقتصادية الكبرى- والتي سوف تنظم اليها قريباً الشراكة عبر الأطلسي.
إن ولادة هذه المنطقة الاقتصادية الكبرى¡ يطرح أكثر من سؤال. فكما هو معلوم¡ فإن الولايات المتحدة قبل 4 سنوات قد وقعت على مبادرة «الشراكة عبر المحيط الهادئ» وهذه الاتفاقية تضم¡ باستثناء الصين¡ مغلب البلدان الموقعة على اتفاقية القمة الافتراضية التي رعتها فيتنام. ولكن الولايات المتحدة انسحبت منها بعد مجئ ترمب- الأمر الذي فتح المجال أمام الصين¡ التي تم استبعادها من هذا التجمع¡ لإقامة التجمع الذي تطمح فيه.
ولكن¡ كيف سوف يكون رد الولايات المتحدة على ذلك بعد أن تستفيق في يناير المقبل من غفوة الحملة الانتخابية. فمثلما هو واضح فإن معظم الدول الموقعة على هذه الاتفاقية تربطهم بواشنطن علاقات أقوى مما تربطهم ببكين. وأهم هذه الدول بالتأكيد اليابان حليفة أميركا منذ عام 1945¡ وثالث أكبر اقتصاد في العالم. فهذه الأخيرة هي التي بذلت جهداً كبيراً¡ بعد انسحاب الولايات المتحدة من مبادرة «الشراكة عبر المحيط الهادئ»¡ للإبقاء على نسخة مخففة حية منها بين بقية الأعضاء¡ وذلك على أمل أن تتطور الأمور في الولايات المتحدة فيما بعد باتجاه الانضمام اليها مجددا. وهذا هو ربما ما سوف يحدث في العام القادم. ولكن ماذا في هذه الحالة عن مبادرة الشراكة التي وقعت الأسبوع الماضي¿ فالعالم لم ينس ما قاله الرئيس الأميركي باراك أوباما حينها: «إن لم نحدد نحن قواعد التجارة العالمية فإن الصين ستقوم بذلك وبشكل يصب في مصلحة المؤسسات والعمال في الصين».
ولذلك¡ فإن النقاط لم توضع بصورة نهائية على حروف أكبر اتفاق للتجارة الحرة في العالم حتى الآن. فهذا الاتفاق سوف يكون من أهم الأمور التي ستشغل إدارة الرئيس الأميركي القادم في يناير عام 2021. ولكن هذا الأخير¡ أي كان اسمه¡ فإنه سوف يكون مضطراً للتعامل مع الأمر الواقع- فقواعد التجارة العالمية منذ عام 2008¡ لم تعد حكراً على أميركا وحدها.




http://www.alriyadh.com/1854664]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]