الموضوع: مؤشرات الأداء والكرت الأحمر

قبل ثلاثين عاماً في 1412هـ لعب نادي الشباب ونادي الاتفاق في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين¡ واستطاع اللاعب الشبابي فهد المهلل أن يسجل الهدف الأول لفريقه¡ ومع غمرة فرحه بهذا الهدف خلع قميصه وهو يركض بعد تحقيق الهدف¡ وبما أن هذا السلوك يعد مخالفة في كرة القدم¡ قام الحكم بإشهار الكرت الأحمرº لأنه كان قد تحصل على كرت أصفر قبلها¡ ولك أن تتخيل حجم الصدمة الكبيرة لدى اللاعب الكبير الذي لم يشفع له هدفه في النهائي أمام قوانين اللعبة. مقالة اليوم تناقش قضية مؤشرات الأداء والكرت الأحمر...
وقت دراستي للدكتوراة بجامعة واسيدا في طوكيو¡ كان أحد زملائي يعمل كمدير عام في شركة نيسان اليابانية للسيارات والتي اندمجت مع شركة رينو الفرنسية¡ كان قصة تحول الشركة محط الأنظار بعد مقدم كارلوس غصن والذي استطاع أن يحول الشركة من الخسائر المتراكمة إلى تحقيق الأرباح بعد إصلاحات هيكلية كبيرة¡ وحنا نطرح على زميلنا الأسئلة عن وضع الشركة ومدى سعادته بهذه المبيعات والأرقام¡ ولكن تفاجأنا به يشتكي ويتذمر من وضع الموظفين البائس وخاصة من الإدارة الأجنبية الجديدة التي ركزت عملها على تحسين الأرقام على المدى القصير دون النظر لما سيترتب على ذلك مستقبلاً¡ ومن ذلك سعي الإدارة الحثيث لنقل التقنيات والمعارف والخبراء إلى المصانع الفرنسية¡ ولا أنسى تعبيره واصفاً ما يجري بقوله: "إنهم كمن ينقلون العظام من جسد إلى جسد آخر!". ومع التسليم بأن هذا الرأي يظل شخصياً لفرد واحد وقد تختلف وجهات النظر حيال كارلوس غصن¡ ولكن ينطبق الوصف على هذه الحالة بأن الإدارة كانت تنجح في تحقيق مؤشرات الأداء ولكن بمقابل تحطيم الشركة وهدم ثقافتها وفرص نجاحاتها على المدى الطويل.
في الواقع¡ هذا قد يقودنا للحديث عن آليات تقييم الأداء للموظفين¡ ففي كثير من الشركات والمنظمات يكون التركيز على مؤشرات الأداء والأرقام مع تجاهل تام أو كبير لما يتعلق بالسلوكيات¡ ولو سألتني¡ فمهما كان الموظف متمكناً أو مبدعاً ورائعاً في مجاله سواء في المبيعات أو الهندسة والاستشارات وغيرها¡ فلا ينبغي أن يتردد القائد في استئصال أي شخص يتسبب بتسميم بيئة العمل بالسلبية والتذمر وافتعال المشكلات والوشايات. لأن ثقافة المنظمة وبيئة العمل الصحية إن غابت فلا يمكن أن تنجح الشركة أو المنظمة.
وفي هذا الصدد¡ أزعم أن كرة القدم منصفة إذ أنها تتيح للاعب أن يسل أروع الأهداف ويراوغ ويتفنن كما يشاء¡ ولكن سيكون الأمر حاسماً في حال ارتكاب المخالفات عبر الإنذارات الشفهية والكرت الأصفر والكرت الأحمر وربما الإيقاف في حال كان حكم المبارة وفريقه المساعد من رجال الخط ومن خلف الفار لديهم ضمير ونزاهة..
وختاما¡ لا معنى للنجاح في مؤشرات الأداء إذا كان المدير يهدم ثقافة المنظمة ويخسر ولاء موظفيه وانتماءهم ويقتل شغفهم...




http://www.alriyadh.com/1855667]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]