عرفت المدن والأحياء والناس الأبواب¡ مادياً ومعنوياً¡ منذ وقت مبكر¡ مادياً كانت ترمز الأبواب إلى وجود لون من ألوان السيطرة من الجهات المختصة على الأمن العام للأحياء والمنازل ضد اللصوص والفضوليين¡ من هنا كان الحرص على أن تحصن مداخل المدن بالأبواب والحراس الذين قد يوجدون خلفها وأمامها¡ وقد كان لكل حارة من حارات المدينة المنورة باباً¡ فكان هناك: باب الشامي¡ وباب العنبرية¡ وباب المصري¡ وباب المجيدي¡ وفي مصر: باب الوزير¡ وباب زويلة¡ وفي الشام: باب توما¡ وفي جدة: باب جديد¡ وباب مكة¡ وفي الرياض: أبواب الثميري والسويلم والعطايف.
وخلف كل باب من هذه الأبواب عوالم¡ ولكل عالم من هذه العوالم باب آخر¡ فلحارات المغربي والفقيه والأشراف وذروان في المدينة¡ على سبيل المثال¡ أبواب¡ وللمنازل التي في هذه الحارات أبواب¡ تغطي المستور¡ وتحجب الأصوات والمناظر والحركات¡ لكن أول إحساسنا بالأبواب¡ كان في باب المنزل¡ ثم باب المدرسة¡ فباب المستشفى¡ وباب السجن¡ وباب المقبرة¡ وباب المذبح¡ وكل باب من هذه الأبواب¡ خلفه أبواب¡ وصالات¡ وسلالم¡ وغرف¡ ووجوه¡ وحركات¡ وسكنات¡ ولواعج¡ وأناس أشكال وألوان وأمزجة.
وهناك باب بالغ الدلالة هو "باب الحمام" والذي يدل عليه المثل الشعبي الشائع الواسع الدلالة "دخول الحمام ليس مثل الخروج منه!". طبق هذا المثل على من يدخل في شراكة أو مشروع أو يدخل غرفة العمليات أو يدخل على عروسه¡ أو يركب البحر¡ أو على العروس التي تدخله استعداداً لدخول زوجها عليها¡ لكن أفضل الأبواب وأبركها¡ الباب الرمزي أو المعنوي: باب الفرج¡ فخلفه حل أزمة كل مكروب¡ أو محتاج أو مظلوم أو مريض¡ وهو مدخل صدق عند عزيز مقتدر¡ هذا الباب نتوجه إليه¡ ونحن نصلي ونصوم ونحج¡ وندعو ونتوسل خلال كل ذلك.
لكن قليلاً ما تحدث الكتّاب والمبدعون عن الباب أو الأبواب¡ مع أن كل كتاب يقدمونه أو يؤلفونه مقسم إلى عدة أبواب¡ وكل قسم فيه شكل من أشكال الكلام¡ منه السهل¡ ومنه الصعب¡ ومنه العويص الشائك. ودائماً خلف الأبواب أسرار ومدلولات¡ إلا أن الكلام عنها قليلا ما يصادفنا أو يعرض لنا¡ ففي الدولة العثمانية كان هناك "الباب العالي"¡ وهو باب رمزي¡ يدل على أعلى سلطة كانت تهيمن في وقت من الأوقات على عديد من الدول¡ حتى سقط هذا الباب¡ وتحللت الدولة التي خلفه بالتقسيط¡ مثلما تحللت الدولة العباسية¡ وانحسرت الدولة البرتغالية¡ والإنجليزية¡ والإسبانية¡ والفرنسية¡ داخل إطارها التقليدي الذي نراه الآن¡ والذي انطلقت منه حول العالم¡ غازية مستعمرة¡ قاهرة للأمم والشعوب. ومن هذه الأبواب الرمزية¡ باب أهل الضبط والربط¡ وسن القوانين والعمل بها¡ والذي منه تخرج الحلول لأصحاب الأزمات على مختلف أنواعها¡ وخلف كل باب فصل¡ وخلف كل فصل فواصل أو فقرات.




http://www.alriyadh.com/1855671]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]