إن تصوير المستقبل في عقول شبابنا وأجيالنا الواعدة¡ يجب أن يمر بهذه المرحلة¡ وهي تغذية عقول ونفسيات الجيل الصاعد وإكسابهم اليقين بما سيكونون غداً¡ وذلك بالتكرار في أسماعهم بأنكم حقيقة أنتم الناجحون¡ أنتم صناع الحياة..
تكرار النظر¡ وإدامة الفكر¡ وتزكية النفس من عبث سيئاتها بها¡ هو ما يدندن حوله أرباب الكلام في السلوكيات وعلوم التزكية¡ ويتدرجون في ذلك مدارج كثيرة اكتنفتها مرتبة التوبة وتوسطتها وتخللتها ورافقتها¡ وللتذكير هنا من شروط التوبة العزم الأكيد على عدم معاودة السيئة¡ وهو ما يولد الشعور والإحساس بالانفصال عن الذنب تمامًا¡ ولأجل ذلك كانت التوبة تجبّ ما قبلها¡ ولن تستطيع التوبة فعل ذلك إلا حين تكون باليقين والصدق الذي يقوى على طمس كل ما يمر به من سيئة¡ بل وسيبدل الله تلك السيئات حسنات -على أحد تفاسير الآية- وكل ذلك أوله التفكر في عظمة من عصيتَ¡ وليس التفكر وحده بل يصاحبه إدامته وهذا يتأتى عند ذوي العقول الطالبة للمعالي.
كل ما تقدم هو مقدمة لما أريد قوله من استصحاب النظر وإدامة الفكر والعزيمة على الفعل والترك¡ ولكن ليس في أمور الآخرة والتوبة وتزكية النفس من المعاصي فقط¡ بل أريد الوصول إلى القول: إن الطريقة نفسها التي تتعامل بها في اكتساب اليقين من فكر ونظر وتكرار للعمل الصالح والأذكار حتى يرتفع الإيمان ويعظم الدين في القلب¡ فيجد بذلك العبد اليقين حتى يثمر يقينه ما تشاهده عينه من إجابة الدعوات¡ وكشف الكربات¡ بل وحصول الكرامات¡ هي نفسها الطريقة التي تغذي بها عقلك ويقينك بما أردته في الحياة¡ وتلك هي عمارة الأرض¡ فإن عمارتها هو بما تحققه تلك النفوس والعقول من مكاسب وإنجازات تصارع الصعوبات وتذللها وتحولها إلى مكاسب وإنجازات¡ ومهما كانت تلك الطموحات على المستوى الفردي أو الجماعي¡ فإن بداية تحقيقها هو تصورها كحقيقة¡ فقط يحول بيننا وبينها مجرد وقت¡ فقد يكون الفرد صاحب إبداع وطموح ولكن ينقصه سلوك مسلك اكتساب اليقين بتحقيق ما يؤمله¡ وقد تجد هنا كثيراً ممن يتكلم عن هذه الأشياء¡ يركز على ما يسمونه بـ"العقل الباطن" وتغذيته بالعزم وتصوير الأماني كحقائق¡ وأيًّاً كانت التسمية فإنه يغني عن الدخول في تفاصيل وكلام هؤلاء ما قرره الشرع وعلمنا إياه نبينا صلى الله عليه وآله وسلم¡ "استعن بالله ولا تعجز" وما جعله لنا كإشارات لاكتساب ما نرجوه بتكرار العمل والفعل¡ غير أن نفس المؤمن وهمته تأبى عليه إلا أن يكون جل تركيزه هو آخرته¡ وهذا لا ينافي الجد والعزم في نيل حظوظنا من الدنيا.
إن تصوير المستقبل في عقول شبابنا وأجيالنا الواعدة¡ يجب أن يمر بهذه المرحلة¡ وهي تغذية عقول ونفسيات الجيل الصاعد وإكسابهم اليقين بما سيكونون غدًا¡ وذلك بالتكرار في أسماعهم بأنكم حقيقة أنتم الناجحون¡ أنتم صناع الحياة¡ أنتم..¡ وأنتم..¡ وأنتم..¡ حتى لا يتصوروا أنفسهم غير أولئك الأبطال والمفكرين والمبدعين وبناة الوطن¡ ونغرس في عقولهم الإيجابيات¡ ونجعل من عقولهم مصانع لمستقبلهم¡ فإن العقل حين يقرر ويعزم لن يجد صعوبة في تحقيق مراده¡ وليس الشباب والأطفال هم المعنيون بذلك وحسب¡ بل حتى الآباء ومن قد مضى عمره في خدمة دينه ووطنه¡ فإن بإمكانه عمل الكثير والكثير بمجرد أن يغذي روحه وعقله بيقين القدرة على الفعل¡ وتصوير نفسه فاعلاً حقيقةً لما يريده¡ وفي الحديث: "إذا قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فليغرسها" وذلك لأن المؤمن لا يضيع حتى الثانية الواحدة واقفًا في نظرة حيرة وسلبية¡ ولا يستجيب ولو للحظة لتثبيط السلبيات التي يتغذى عليها عقله من خلال الأحداث حوله¡ وفي الحديث أيضاً "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"¡ وهو يحث المسلم أن يكثر ويكرر ويكرر من الذكر فإن التكرار ولو كان تلفظاً يغذي القلب بالتعظيم واليقين¡ وهو كذلك أيضاً¡ المسلم في كل أموره يجافي ويباعد تكرار التلفظ بالسلبيات والفشل¡ ويكثر من الكلام الإيجابي النافع¡ فإن ذلك يعظم في نفسه ما يريده ويحققه. هذا¡ والله من وراء القصد.




http://www.alriyadh.com/1855950]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]