تكشف عملية اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده¡ ما هو أبعد من هشاشة المنظومة الأمنية في إيران¡ وسهولة اختراقها¡ فالطيف الواسع لقائمة المنفذين المحتملين يكشف المدى الذي ذهبت إليه إيران في اكتساب الأعداء وخلق خصوم قريبين وبعيدين¡ الأمر الذي يلقي ضوءًا كاشفًا على الفشل الذريع لاستراتيجية «تصدير الثورة»¡ رغم تشدق أتباع النظام¡ وادعاءاتهم الواهية بتقدم مشروع طهران في المنطقة¡ فهذه الجرأة على تنفيذ عملية اغتيال لشخصية بهذه الأهمية والقيمة في قلب إيران¡ وقربَ عاصمتها يبدد أوهام المناعة والقوة التي لا يكف النظام وأتباعه عن ترديدها وصم آذان العالم بحصانة إيران الوهمية.
المأزق الإيراني يزداد عمقًا¡ ويجد النظام نفسه حائرًا¡ فتحميل إسرائيل مسؤولية العملية¡ يلقي على كاهله حملًا ثقيلًا يتمثل في وجوب الرد¡ وحفظ ماء وجه النظام الذي تعرض للطمة قوية¡ وهي مهمة ثقيلة فوق طاقة إيران¡ حتى على مستوى التوقيت¡ ففي ظل مرحلة انتقالية غامضة تمر بها الولايات المتحدة¡ سيكون أي رد عنيف من قبل إيران بمثابة ضوء أخضر للرئيس الأميركي دونالد ترمب لتوجيه ضربة قاصمة لإيران قبيل انتهاء ولايته¡ وهو الأمر الذي تتحسب له طهران كثيراً وتحذر الوقوع فيه¡ ومن ناحية أخرى فإن تأخير الرد حتى تسلم جو بايدن مهام الرئاسة سيعد رسالة عدائية لرئيس كان النظام الإيراني يتأمل أن يكون أخف وطأة عليه من سلفه.
في ظل هذا الزاوية الضيقة التي حُشر فيها النظام الإيراني¡ وبقراءة طريقة تعامله مع حالات مشابهة¡ فعلى الأرجح سيلجأ إلى تحريك ميليشياته في المنطقة كالمعتاد وتنفيذ عملية استعراضية عديمة الأهمية¡ مع تشغيل جوقته الإعلامية -ومنها أبواق عربية للأسف- لتضخيم الرد وإلباسه حجماً أكبر من قيمته الحقيقية¡ وما الرد الواهي على اغتيال قاسم سليماني منا ببعيد¡ حيث كان الانتقام لمقتل أبرز قادتها ومهندس تمددها الشرير في المنطقة¡ بضعة صواريخ على قاعدتين عراقيتين توجد بهما قوات أميركية¡ دون أن يسفر الهجوم عن خسائر بشرية أميركية¡ خلاف هذا الخيار الآمن للنظام ستجد إيران نفسها بين نارين¡ وهي التي اعتادت إشعال الحرائق في المنطقة.




http://www.alriyadh.com/1856522]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]