لو نفذ مقاول طريقين متوازيين وأخطأ بالتنفيذ لتكون زاوية أحد الطريقين أقل من زاوية 90 هذا يعني أن هذين الطريقين لن يكونا متوازيين كما هو مخطط وستزداد المسافة بينهما مع مرور الوقت. وذكرتني هذه الزاوية بالتمايز المالي بحقوق أعضاء هيئة التدريس الذي أخذ بالاتساع مع مرور الزمن بين الجامعات السعودية بعدما توسعت بالعدد والكليات والموقع الجغرافي. فعندما صدرت قبل عشر سنوات البدلات المالية لتحسين سلم أعضاء هيئة التدريس كانت تهدف إلى تحسين الفروقات المالية الواضحة بينهم وبين العاملين في القطاعات الأخرى حسب خبراتهم وشهاداتهم العلمية وتقليل التسرب الوظيفي.
ساهمت هذه البدلات حينها في تخفيف الوضع لكن مع مرور الوقت أخذ التمايز المالي بين الجامعات يتسع فمبررات ومتطلبات صرف البدلات بين الجامعات تباينت. حتى حساب الأعمال الإدارية التي تدخل ضمن النصاب للنظر في صرف بدل التعليم الجامعي من عدمه اختلفت بين الجامعات. فالنظام عندما صدر وضح بشكل صريح الاحتساب لرئيس القسم¡ وكيل الكلية¡ العميد¡ وكيل الجامعة¡ لكن هناك عدداً كبيراً من المهام الإدارية الأخرى واللجان التي يقوم بها أعضاء هيئة التدريس الآخرون هناك من احتسبها لهم ضمن النصاب ومنهم من لم تحتسب له بسبب عدم نصها في النظام.
وتوفير السكن بطريقته الجديدة بعد عام 2010 تقريباً عندما تم إيقاف صرف بدل السكن وألزم عضو هيئة التدريس بالحصول على وحدة سكنية من المتوفر لدى الجامعة. جعل التباين المالي يزداد بين الأعضاء على مستوى المملكة فليس كل الجامعات لديها وحدات سكنية كافية لأعضائها فضلاً عن وجود جامعات لا يتوفر لديها سكن نهائياً مما يحرم أعضاءها من هذا الحق المالي.
نظام الجامعات السابق (الذي ما زال معمولاً به لأغلب الجامعات) وضع عضو هيئة التدريس وحقوقه المالية بوضع لا يحسد عليه¡ فالجامعات كلها تتبع لوزارة التعليم نظاماً والسلم الوظيفي لأعضاء هيئة التدريس سلم واحد من الخدمة المدنية (سابقاً)¡ والنظام أيضاً أعطى الجامعات صلاحيات لمجلسها ولمديرها كنوع من الاستقلال الإداري للجامعات. فبين هذه الجهات الثلاث أصبح تفسير مواد النظام والاستحقاق المالي لعضو هيئة التدريس يشوبه الكثير من الاجتهاد في التفسير¡ ما أدى لتمايز مالي يتراوح بين 50 - 100 % من قيمة الراتب الأساسي بين الزملاء لنفس الخبرات والتخصصات على مستوى السعودية.
حتى التعيين (الترقية) من محاضر إلى أستاذ مساعد عند حصول المحاضر المبتعث على شهادة الدكتوراه تباينت فيه الجامعات فهناك من يكتفي بورقة Award letter وجامعات تتطلب إحضار شهادة الدكتوراه¡ وهذا التباين في تفسير متطلبات استحقاق الترقية يتسبب بحرمان المحاضرين لهذه الترقية وتبعاتها المالية لشهور طويلة.
نظام الجامعات الجديد الذي صدر مؤخراً خطوة جميلة من الوزارة بقيادة معالي وزيرها النشط لتصبح الأمور أكثر وضوحاً واستقلالاً للجامعات في إدارة شؤونها وشؤون منسوبيها. لكن هذا النظام يحتاج لوقت طويل لتعميمه على كل الجامعات السعودية وحتى ذلك الحين.. ألا يمكن للوزير الفذ أن يتدخل لتقليل هذا التمايز المالي بين رواتب أعضاء هيئة التدريس واستحقاقاتهم المالية الذي أصبح رهينة للاجتهادات في تفسير بنود النظام¿




http://www.alriyadh.com/1856545]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]