ما الفرق بين حارس مرمى فريق كرة القدم¡ ورجال المال والأعمال¡ وحارس مكتب الوزير¡ وبالذات الذي يتولى وزارة خدمية¡ أو وكيل الوزارة¡ أو المدير العام¡ وحارس مدرسة البنات أو البنين¡ حتى حارس المستودعاتº يجمع بين كل هؤلاء التكتم على ما لديهم من تعليمات مبلغة من المدير¡ وكذلك تكفلهم بإدخال المرغوب فيهم من قبل المدير¡ لمعرفتهم¡ من طول المعاشرة¡ بمزاجه وأوقات راحته¡ وخلو جدوله مما يكدره¡ ومن صلاحياته التي لم يأخذها من المدير مباشرة¡ إدخال غير المرغوب فيهم¡ إذا رأى مصلحة له أو للمدير في إدخالهم.
والمفروض أن هذه الفئة من المكلفين¡ لا تميز بين راغبي الدخول. كلهم تسري عليهم التعليمات والتوجيهات نفسهاº واقع الحال كان يقول لنا: إن "حارس المدير مدير"! لذلك سوف تجد أن درة تاج أي فريق لكرة القدم هي حارسه¡ وبعد ذلك هدافه¡ القادر على تحدي مهام الحارس الخصم¡ وهذه الفئة من الحراس أو اللاعبين¡ قد تصل عقودهم إلى الملايين¡ وهم دائماً محط أنظار الجماهير ووسائل الإعلام¡ وإن كانت أعمارهم قصيرةº إلا إذا تمكن واحد منهم من تسجيل بصمة كروية¡ تتوارثها الجماهير ووسائل الإعلام المحلية والعالمية¡ وعندنا لاعب واحد دخل التاريخ بهدف عالمي أثناء إحدى دورات كأس العالم¡ ثم تفرغ لصولاته وجولاته الاجتماعية¡ مطمئناً لذاكرة التاريخ التي لا تخون.
أما حارس مدرسة البنات الآن وفي الأيام الخوالي¡ فقد كان يحل هو وعياله ضيفاً على المدرسة¡ وكانت من أبرز مهامه الوقوف للباص حتى يمتلئ بالتلميذات والمدرسات¡ والويل له¡ لو لم تصل واحدة إلى منزلها سالمة من الأذى¡ وغانمة من الراحة المدرسية والدروس. أما حارس المستودع فهو أيضاً مكفول ليلاً ونهاراً¡ خصوصاً إذا كان مستودعه في أرض خلاءº ولم تتقلص مهامه وتقل سطوته¡ إلا عندما دخل التخزين ضمن الدوائر الإلكترونية¡ التي تبلغ عن الفاقد أو المسروق أولاً بأول¡ إضافة إلى الكاميرات التي ترصد دبة النملة!
وفي أي مصلحة¡ خصوصاً إذا كانت حكومية¡ حيث تبني البيروقراطية بيوتها بصبر وهمة¡ سوف تجد أن حارس المدير¡ مدير فعلاً¡ فهو الذي يعرف حركات وسكنات مديره¡ وهو الذي يعرف الداخلين إليه والخارجين من عنده¡ وهو الذي يشم رائحة شواء المدير¡ دون أن تراوده نفسه بتفسير¡ أو الحديث عن الرائحة إلا لنفسهº إلا إذا راود المدير نفسه¡ بالإساءة لحارسه¡ فعند ذاك قد يتمكن الحارس من التكشير عن أنيابه¡ عندما تحين الفرصة المناسبة¡ لتعكير صفو مديره الناكر للجميلº جميل رعايته والسكوت على زلاته! وهذا الحارس قد يحقق الثروات¡ من المال الحرام الذي يقدم له¡ لتسهيل مهام غير المرغوب فيهم¡ من المصلحة أو المدير أو عامة الناس¡ الذين لا تمكنهم ظروفهم¡ أو أخلاقهم¡ للدخول في هكذا وسائل.
كل ذلك قد يحققه الحارس المعطوب الضمير والأخلاق¡ من وقوفه أمام الباب¡ له ولمديره¡ إذا كان المدير قابلاً للعطب! وما أكثر الحراس الذين قذفوا برؤسائهم الضالين خلف الشمس¡ متى ما أحسوا أن مديرهم سوف يتمرق بهم!




http://www.alriyadh.com/1860591]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]