إن العراقيل التي تعترض تمديد خط الغاز الروسي لأوروبا¡ والمعروف باسم التيار الشمالي «2» تمييزاً له عن التيار الشمالي «1» الذي دخل الخدمة قبل ما يزيد على 10 أعوام¡ تبين مدى الأهمية التي يعطيها العالم لمصادر الطاقة وخطوط إمداداتها. فهناك توجه يحارب تركز إمدادات الطاقة في يد واحدة وبلد واحد بمفرده¡ خشية أن يستخدم أي بلد ذلك كورقة ضغط لتحقيق مكاسب على حساب غيره من البلدان.
وتدل الأحداث التي كنا شهودا عليها على أن امتلاك مصادر الطاقة هو سلاح ذو حدين: فهذه المصادر¡ إما أن تجلب للبلد الذي يملكها المتاعب¡ إذا أخطاء في الحساب¡ كما حدث في العراق وليبيا¡ أو تجلب له الخير كما هو الحال في بلدنا¡ الذي يتبع سياسة واضحة في هذا المجال تأخذ بعين الاعتبار مصالح كافة الأطراف المشاركة في العملية - أي المنتجين والمستهلكين -.
ولذلك¡ فإن تطورات حقل «الجافورة» في المنطقة الشرقية¡ تعتبر على قدر كبير من الأهمية ليس فقط لبلدنا¡ وإنما للعالم. فتحول المملكة إلى ثالث أكبر منتج للغاز من شأنه أن يغير المعادلة: فعلى المستوى المحلي سوف تصبح المملكة منتجا كبيرا للغاز غير المصاحب. ولهذا فإن إنتاج وتصدير هذا الغاز سوف يعزز مركزنا المالي القوي أصلاً. وأول القطاعات التي ستشعر على نفسها التغيرات¡ بعد دخول حقل الجافورة مجال الإنتاج التجاري¡ سوف تكون الصناعة البتروكيماوية¡ التي ستصبح مثلها مثل خزينة الدولة أقل اعتمادا على النفط - حيث سيحقق إنتاج هذا الحقل دخلاً صافياً للحكومة بنحو 8.6 مليارات دولار سنوياً ولفترة 22 عاماً من بداية تطويره¡ كما أن الناتج المحلي الإجمالي هو الآخر سوف يشعر بالتغيرات نتيجة القيمة المضافة التي سوف ينتجها حقل الجافورة والتي تقدر بـ 20 مليار دولار سنوياً.
**من ناحية أخرى¡ فإن دخول هذا الحقل العملاق حيز الإنتاج التجاري سوف يعني للعالم ظهور لاعب جديد في سوق الغاز. ونتيجة لموقع المملكة في سوق النفط¡ والثقة التي حصلت عليها نتيجة للدور البناء الذي لعبته خلال الـ 60 عاماً الماضية وانعكاساته على أمن الطاقة¡ فإن العالم سوف يشعر بالارتياح لهذا الموقع الجديد للمملكة في سوق الطاقة.
وعلى هذا الأساس¡ فإن العالم ربما يصبح أكثر حماساً خلال الفترة القادمة لإنشاء منظمة تجمع تحت سقفها كبار منتجي الغاز في العالم¡ وذلك على غرار منظمة الأوبك التي جمعت منتجي النفط¡ فدخول المملكة سوق الغاز¡ من شأنه أن يساهم في استقرار أسواق الغاز ويجعلها آمنة أكثر¡ وفي خدمة الاقتصاد وتطوره في كافة أنحاء العالم.




http://www.alriyadh.com/1860758]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]