عند حدوث ضرر أو تهديد بحدوث ضرر قد يُصيب التجارة الخارجية في بلد ما¡ فإنه يحق للدولة المُتضررة أو المُهددة بالضرر¡ معالجة الضرر أو تلافيه باستخدام الوسائل التي وفرها النظام التجاري مُتعدد الأطراف¡ مُمثلاً بمنظمة التجارة العالمية. فكما أن هدف المنظمة تحرير التجارة بين الدول¡ فقد وضع المشرعون عدداً من الأحكام¡ لمعالجة أو تفادي أي ضرر قد يُهدد الصناعة الوطنية.
أرى أن للمعالجات التجارية أهدافاً مُباشرة¡ منها حماية الاستثمارات القائمة¡ وجذب استثمارات جديدة¡ لأن الاستثمارات بحاجة إلى مناخ آمن ومستقر¡ كما أن المعالجات تهدف إلى تحقيق وضمان المنافسة العادلة¡ فليس الهدف هنا حماية الصناعة المحلية بحد ذاته¡ إنما تحقيق المنافسة العادلة بين المُنتج المحلّي والمُنتج المستورد¡ وتسعى كذلك إلى الدفاع عن الصادرات الوطنية والتي تكون موضع تحقيقات المعالجات التجارية (الدعم - الإغراق - الوقاية) المقامة من سلطات تحقيق أجنبية. كما أن للمعالجات التجارية أهدافاً أُخرى غير مُباشرة منها¡ خفض نسبة البطالة بحماية الصناعات المحلية القائمة¡ وتعويض العائد المفقود من تخفيض التعريفات الجمركية عند الانضمام للمنظمة أو اتفاقيات التجارة الحُرة.
ولأهمية المعالجات التجارية¡ نرى ذلك جلياً فيما اتخذته حكومة المملكة المُتحدة¡ بإيجاد وحدة متخصصة في المعالجات التجارية - رغم مُضي عقدين من الدخول في منظومة الاتحاد الأوروبي - تقدم المشورة للمفوضية الأوروبية في جميع قضايا التعويضات¡ وتساعد الشركات البريطانية التي كانت خاضعة لسلطة التحقيق¡ وعملت على أن تكون مصالح المملكة المُتحدة قد أُخذت بالاعتبار. لذا نجد أنه عندما انسحبت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي¡ كانت جاهزة على الفور¡ بوجود موظفين مُدربين¡ ووجود إجراءات مناسبة لإدارة أي تهديد على صناعتها الوطنية.
لا شك أننا في المملكة بحاجة إلى تأسيس وتطوير الأدوات التنظيمية وتحسين التشريعات وتدريب الكفاءات البشرية الوطنية للدفاع عن مُنتجاتها¡ وتمكينها في الأسواق الدولية. ينبغي كذلك ألا نكتفي بفرض الرسوم الجمركية على السلع المُضرّة أو المُهددة بالضرر على الصناعات الوطنية¡ بل أن نرفع قضايا عكسية ضد كل من يفرض رسوماً على صادراتنا دون وجه حق. إن إنشاء جهاز مُختص بحماية الصناعات المحلية¡ ويعمل على تمكين نفاذ مُنتجاتنا إلى الأسواق الدولية¡ يرتبط تنظيماً بمعالي وزير الصناعة والثروة المعدنية¡ ليعمل يداً بيد مع هيئة تنمية الصادرات¡ والتجمعات الصناعية¡ ومُدن¡ وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية¡ سيكون له أثر إيجابي كبير¡ ليس فقط على تنويع مصادر الدخل للاقتصاد الوطني¡ إنما أيضاً تحفيز الاستثمار المحلّي والأجنبي.
مُختص بالأعمال الدولية والشراكات الاستراتيجية




http://www.alriyadh.com/1861026]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]