استيقظ العالم بداية هذا العام على كارثة الوباء. وقبل أن يستوعب ما حدث¡ كانت الجائحة قد ضربت مفاصله وأصابته بالشلل التام¡ وإن كان تاريخ البشرية قد حفل بالكثير من الحروب مع الأعداء المجهريين من الفيروسات والجراثيم إلا أن الوضع هذه المرة مختلف تماماًº فهذه الحرب تأتي في الوقت الذي يعيش فيه الإنسان نشوة الشعور بالتفوق والعظمة¡ مستنداً على منجزات علمية وتكنولوجية تفوق الخيال. ولذلك كان ما حدث بمثابة الإهانة لكل ما حققه الإنسان من تقدم في سلم الحضارة.
بعد أن استوعب العالم حجم الدمار الذي اجتاح الحياة البشرية بسبب الوباء¡ ترك كل شيء والتفت نحو العلماء بحثاً عن الحل¡ ولم تخذل هذه النخبة من العقول الآمال المعلقة عليها¡ فبدأت العمل على مدار الساعة للوصول إلى ترياق يعيد للعالم المريض عافيته. وبالفعل حرقوا المراحل واستطاعوا في فترة وجيزة أن يقدموا للبشر هدية في شكل قنينة زجاجية باردة تحقن في الذراع وتعطي الإنسان الدرع التي تقيه من ضربات العدو.
عندما ثارت الشكوك حول سلامة اللقاح نظراً للسرعة الرهيبة التي تم من خلالها العمل على تطويرهº خصوصاً أن اللقاحات تتطلب سنين طويلة للتأكد من سلامتها وفعاليتها¡ جاءت إجابة العلماء على شقين: أولاً¡ التطور التكنولوجي الكبير غير قواعد اللعبة¡ وثانياً أن كمية الضخ المالي الهائل وغير المسبوق لإيجاد اللقاح سهل المهمة بشكل كبير.
الشق الثاني من الإجابة يجب أن يكون درساً لا ينساه العالم¡ فخلال السنوات الماضية كان العلماء والمختصون يستجدون الدول الثرية وأغنياء العالم لضخ المزيد من الأموال في مسارات البحث والتطوير العلمي. وإذا كانت بعض أنواع البحث تستطيع الانتظار قليلاً¡ فإن الأبحاث الطبية خصوصاً لا تحتمل الانتظار¡ فاللقاحات والكشوفات العلمية التي تتعلق بالأمراض المستعصية تعد إنجازات لا تقدر بثمن¡ خصوصاً أنها على ارتباط وثيق بإنهاء معاناة الملايين من البشر. ولا شيء يعدل رفع معاناة مريض أو التخفيف من آلامه.
العقول المذهلة متوفرة¡ والعلماء الذين نذروا أنفسهم للبحث ينتظرون المزيد من الدعم والتمكين¡ ما ينقص فقط هو زيادة التمويل للأبحاث الطبية¡ ولو اقتطعت الدول الكبرى جزءاً من ميزانياتها الفلكية التي تصرفها على التسلح¡ وخصصتها للبحث العلمي الطبي¡ ولو ساهم بعض مليارديرات العالم الذين تفوق ثرواتهم ميزانيات بعض الدول¡ لتغير شكل معاناة الإنسان تماماً.




http://www.alriyadh.com/1861214]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]