يعرّفُ الأدباءُ الإبداعَ بأنه: «الابتكار والسبق في صور التعبير»، وقد توسّع البلاغيون حديثاً في إطلاق الإبداع على كل ابتكار يساعد في تكوين العمل الأدبي، ابتداءً من الفكرة، واستعانة بالخيال، واستخداماً لألوان التعبير والتأثير المختلفة، على أن الإبداع ليس بمحصور في الأدب وأجناسه وأشكاله، بل هو قرين لكل علم، أو فن، أو مجال، وقد عرفته الأمم والآداب والحضارات قديماً، وحديثاً، وكان وجوده دليلاً على تميز أممه، ومجتمعاته، وأربابه، وأصحابه، سواء أكان ذلك عند الرجل، أم المرأة.
ولقد حضرت المرأة منذ القديم في مجالات إبداعية متنوعة، ويؤكد ذلك ما وجدناه من مؤلفات تستعرض بعضاً من وجوه إبداعها، كما في كتاب (بلاغات النساء) لابن طيفور (ت280هـ)، وكتاب (الحدائق الغنّاء في أخبار النساء، أو تراجم شهيرات النساء) لعلي بن محمد المعافري المالقي (ت605هـ)، وفي العصر الحديث كتاب (أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام) لعمر رضا كحالة (1408هـ)، وهي مؤلفات ذات قيمة كبيرة، يحسب لها الرصد، والاهتمام، غير أنها لا يمكن أن تحيط بكل ما أنتجته المرأة من إبداع وتميّز في صنوف كثيرة من الحياة.
أما في وقتنا الحاضر فقد ازداد حضور المرأة ألقاً وبريقاً، ولو أردنا إحصاء التميز الإبداعي الذي حققته المرأة في المجال الثقافي -على سبيل المثال- لألفيناه غزيراً ومتنوعاً، ولنا في الأدب السعودي ودراساته وحقوله الإبداعية شاهد ودليل، فقد حضرت المرأة المبدعة في مجالاته المختلفة، بل حصلت كثير من النساء السعوديات على جوائز قيمة، سواء على الصعيد الداخلي، أم على الصعيد الخارجي، حتى لقد وصلت بعضهن إلى مستويات عالية، فحصلت على جائزة البوكر للرواية العربية، كما عند الروائية رجاء عالم، ولو رمنا عد المثقفات، أو الأديبات، أو الناقدات السعوديات الحائزات على جوائز قيمة لطال بنا السردُ والعَدُّ.
لقد ارتبط الإبداع اليوم بالمرأة كثيراً؛ ذلك لأنها أخذت تخطّ لنفسها منهجاً متميزاً في العلوم، والمعارف، والفنون، ومجالات شتى، وفي المملكة العربية السعودية تحضر المرأة اليوم بشكل مختلف، فقد برزت في أكثر من قطاع، وأبدعت في حقول متنوعة، فصارت أكثر إشراقاً وتوهجاً، يأتي ذلك مع توجهات الدولة الرشيدة، وتطلعات القيادة الحكيمة التي أفسحت للمرأة الطريق وأنارته تشجيعاً وتمكيناً، في ظل دعم مباشر من قبل خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-.
ولقد سرّني ما قامت به (جامعة حائل) مؤخراً حينما أطلقت برنامج (المرأة أولاً) برعاية كريمة من صاحبة السمو حرم صاحب السمو الملكي أمير منطقة حائل، وبدعم مباشر من معالي رئيس الجامعة، وبجهود مشكورة من قبل سعادة وكيلة الجامعة لشؤون الطالبات، وفريقها المساند، حيث اشتمل هذا البرنامج الإثرائي على عنوانات متميزة، تصب في قالب (المرأة والإبداع)، تماشياً مع رؤية المملكة 2030، فدارت أوراق هذا البرنامج حول موضوعات متجددة، كالمرأة والتنمية، والمرأة والمجتمع، والمرأة والجمال، وغيرها من الموضوعات التي تعزّز من مكانة المرأة وإبداعها، يأتي ذلك الاهتمام امتداداً جميلاً لما قدّمته الجامعة سالفاً في (ملتقى دور المرأة في القيادة النسائية: تمكين - تأثير - ريادة)؛ فما زال وراء كل إبداع عظيم امرأة عظيمة.




http://www.alriyadh.com/1872073]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]