أسيرُ ولستُ أرى في حذائي انتقاصًا ليحملني..
غير أني تعلّمتُ منذ الطفولةِ أن الحفاةَ جياعٌ وأن الرصيفَ يجيء بلونين..
لكنني لاأزالُ أسيرُ ولستُ أرى في الرصيفِ بلونينِ
إلاّ السلامَ.. إذا عبر الناسُ لا يعبؤون به.. كان يعشبُ نخلاً
أو كانَ يعشبُ سيارة لطمت وجهها بعمودِ الإنارةِ..
لا يعبؤون برملٍ تعرّق في حدّ ياقتهِ..
لا يعبؤون به كيفما صدّرته له الريح..
إن غرّبتْ بالسحابِ
إن شرّقت بالتراب
...إذا شمألت بالبيوت.. وجاءت رماديّةً في الجنوبْ ..
أسيرُ كما أنني لستُ.. أدري .. ككل الذين يسيرون حولي لماذا
وأين وكيف أسيرُ..
عبرتُ سنيني بلا وجهةٍ وحذائي تحمّلني دائماً...!
أسيرُ وأترك خلفي الكثيرين.. قبلي الكثيرينَ
لستُ أرى في العبورِ انتقاصاً إذا جئت في آخر القائمة...!
الطريق كسلسلةٍ لسجينٍ.. تخطّى الحياةَ إلى الموت لكنه لا يموتْ..
أسيرُ وفوق عيوني تسيرُ البيوتْ
بأسرارها لا تبوح.. ولا تستطيع التخفّي عن الشمسِ
لا تستطيع احتمال الفصولْ..
فتوصد أبوابها عن لصوص الحقيقةِ
ظلّت سنينًا بأسرارها لا تبوح ولا تستضيف الفضولْ..
أسيرُ..
وكيف سأصمت والدرب ذات الرصيف بلونين مزحومة بالكلامْ
أصواتنا تتشابكُ
أسماؤنا تتشابه
أطفالنا كلهم يهرعون إلينا إذا انقطعت كهرباء المدينة واستدرجتهم
شكوك الظلامْ
أسيرُ.. أثرثرُ للظلّ
لستُ أرى في الظلال انتقاصًا إذا اختبأتْ خلفنا عن حقيقتها
لست أرى في الضياء انتقاصاً.. إذا أفشتِ السرّ عنها..
وقالت: بأن الظلال سلالتها
والمدينة سلّتها
والمسار المعبّد يبقى مضاءً إلى أول الشمس
حيث تؤوب الظلال لدهشتها
خلفنا
قبلنا
بيننا
نستطيعُ المجيء بها تتسوّل منا الوجود.. وتمضي لبوابة الليل..!
عدتُ لأسأل:
يا أيها الليل.. في أيّ هذا السواد.. سيرقدُ ظلّي..!
*
أسيرُ.. وما جئتُ أخبركم بالطريق ولا لمحاتِ السنين بوجهي..
ولكنني لا أرى في الكلامِ انتقاصًا.. إذا جاء في صوت عصفورة أسقطت ريشةً
في مهبّ الإياب.. وحطّتْ على بابِ بيتي
ولستُ أرى في العصافير إلا احتمالي لصوتي..
أسيرُ.. أسيرُ
أسيرُ.. وكلُّ بيوتْ:
على البابِ تسبقني نملةٌ شرّدتها سنين الجفافِ وجاءت لتسألَ في حارة الأرض
عن بيتها...
على الضوء.. ترهقني نجمةٌ دوّختها الفصول التي لا تداهن حزني
وجاءت لتسأل في حارة الشمسِ عن بيتها...
على الغدِ .. تخنقني غصّة سوّلتها الكتابات.. جاءت لتسأل في حارة الأمس عن بيتها..!
على البرد.. تسلخني رعشة بلّلتها الحكايات.. جاءت لتسأل في حارة الدفء عن بيتها..
أسير وكلٌ يموتْ..!
جزء من نص طويل




http://www.alriyadh.com/1872078]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]