وجدت نفسي في مكان مقفر كئيب ذات يوم، وبينما أجول ببصري يمنة ويسرة أتأمل الجدب وإذا بمجموعة خفية من العصافير على شجرة قريبة تبدأ الغناء الجماعي، فاستحال المكان حياً.
الحيوانات من أجمل ما زُيِّن به الوجود، وترى ذلك في الأطفال الذين يتصرفون ويفكرون بالفطرة، فينبهرون بها ويحبونها وبعضهم لا ينام إلا بجانب دمية حيوان.
الدول تتخذ الصقور والسباع رموزاً.
الشعر امتلأ بتشبيه الجميلات بالغزلان والظباء.
في الحديث أن أرواح المؤمنين والشهداء في حواصل طير فردوسية، وفي القصص سواء الواقعية أو الخيالية نجد الحيوان هو المنقذ، مثل قصة الرجل الذي ذكره الرسول عليه الصلاة والسلام: «لَلهُ أشدُّ فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلَته (ناقته) بأرضٍ فَلَاة (صحراء)، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيسَ منها، فأتى شجرةً فاضطجَعَ في ظلِّها قد أيس من راحِلَته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمةً عنده، فأخذ بخِطامها (حبل الناقة)، ثمَّ قال مِن شدَّة الفرح: اللهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك، أخطأ من شِدَّة الفَرح». هنا صار الجمل هو المنجي - بعد الله -، وفي الصحاري يمكن أن يكون هو الفرق بين الحياة والموت.
فيلم "I Am Legend" يحكي قصة رجل صار آخر الناجين في نيويورك بعد أن أتى فيروس وقضى على معظم البشر وحوّل بعضهم إلى كائنات "زومبي" و"فامباير" متوحشة، وترى حياته اليومية وحيدا تماما في المدينة المهجورة، ولا يقطع وحدته الرهيبة إلا كلب كان ضالا وصادقه، وصار يد عونٍ له وحماية.
وبينما نحتقر الكلب بشكلٍ مُطلق نجد أن الدين لم يفعل ذلك ولا أمر به، والله ذكره مع أهل الكهف في سياقٍ إيجابي، بل إنه قال في سورة الكهف: "سبعة وثامنهم كلبهم"، لاحظ أنه قال "ثامنهم" فينسبه إليهم وإلى رفقتهم، بل قال الرسول عليه الصلاة والسلام: إن عملاً واحداً يمكن أن يدخل الجنة، وروى القصة الشهيرة حيث الرجل يمشي ووجد كلباً شديد العطش، فنزل البئر وملأ خفّه وسقاه، فنال المغفرة بهذا..
ما ألطف رفاقنا في هذا الكوكب، إنّ لهم شأناً!




http://www.alriyadh.com/1872107]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]