اطلع الكثير منا، الأسبوع الماضي، على توقعات وكالة "ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني"، بتعافي اقتصاد بلدنا وبقية دول مجلس التعاون خلال العامين القادمين. وهذه النظرة المستقبلية مبنية على أساس أن الطلب العالمي على النفط سوف يرتفع مع معاودة الاقتصاد العالمي نموه.
وهذه التنبؤ في محله على ما يبدو. فالاقتصاد العالمي ربما يشهد خلال الفترة القادمة دورة جديدة من الانتعاش. وهذا إذا حدث، فسوف يكون له تأثير مضاعف على أسعار النفط. فجائحة كورونا التي أصابت الاقتصاد العالمي في مقتل العام الماضي، قد أدت، مثلما نعلم، ليس فقط إلى تراجع معدلات نمو الاقتصاد في كافة البلدان، وإنما أيضاً وبشكل تلقائي إلى تراجع أسعار النفط الذي يحرك دولاب الاقتصاد. ففي أبريل 2020، تدنت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام الأميركي وأصبحت بالسالب 37 دولارا، وذلك لأول مرة في التاريخ.
وهذا التراجع الكبير في أسعار النفط، قد أدى وفقاً لقانون العرض والطلب إلى ضعف تدفق الاستثمارات على قطاع الطاقة. ولذلك فنحن أمام توجهين: فمن ناحية هناك توقع بدورة انتعاش جديدة بعد توقف الدورة السابقة بعد عام 2008، على أثر الأزمة المالية -الاقتصادية العالمية ووصولها إلى أدنى مستوى جراء جائحة كورونا. من ناحية أخرى، فإن ضعف تدفق رؤوس الأموال على قطاع الطاقة، نتيجة لتدني الأسعار، سوف يؤدي خلال العامين القادمين إلى ظهور فجوة بين العرض والطلب على الطاقة. ولذلك لا يستبعد بعض المحللين أن تكون محصلة هذين المسارين ارتفاع أسعار النفط، خلال دور الانتعاش القادمة، إلى أكثر من 100 دولار.
وهذا السيناريو إذا تحقق، فإنه سوف يكون من الأمور السارة التي تبعث على التفاؤل الحذر. والحذر هنا مرده التخوف من أن يكون جزء كبير من الارتفاع الذي سوف يطرأ على أسعار الطاقة هو ارتفاع تضخمي. فالبلدان الصناعية، مثلما نلاحظ، لم تتردد خلال انكماش اقتصادها عن طباعة تريليونات من عملاتها الورقية: الدولار واليورو والين. وهذه الأوراق لا تؤدي إلى التضخم داخل البلد الذي يطبعها نتيجة التعقيم الذي يجري عليها sterilization - أما في الخارج، فإن الأمر مختلف. ولذلك، فإن هذه التريليونات التي ترمى في السوق العالمية تؤدي إلى ارتفاع التضخم وخاصة في البلدان النامية التي لا تمتلك الأدوات النقدية الكافية لتعقيم ما يصلها من نقود غير مغطية.
ورغم ذلك، فإن البلدان المصدرة للطاقة، ونحن منهم، سوف يكونون في وضع أفضل. فهذه البلدان، على الأقل تحصل على عوائد هائلة وإن كانت متضخمة – في حين لا تحصل الكثير من البلدان إلا على التضخم المستورد وحده.




http://www.alriyadh.com/1872157]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]