كتبتُ الأسبوع الماضي مبتهجا بصدور قرار مجلس الوزراء بإنشاء مركز باسم المركز الوطني لنظم الموارد الحكومية. وكل من يعمل في مجال المركز، سيسر بهذا الخبر لحاجتنا إلى العمل في اتجاه تطوير قدراتنا في مجال أنظمة الموارد المؤسسية وذلك بالاعتماد على قدراتنا الذاتية أولا، والاستفادة من خبرات الآخرين. وبعد عودتي من الابتعاث عملت مع زملائي في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية على مشكلات البيئة البرمجية في المملكة التي منها عدم وجود الأنظمة المحلية التي تسد الحاجة في مجالات كثيرة من أهمها نظم الموارد المؤسسية. كانت الندوات التي تعقد واللقاءات التي تجري على هامشها وكنت طرفا فيها في العشر سنوات الماضية تتفق في آمالها على خطوط عريضة، تتلخص في حاجة المملكة إلى أن تتقدم في ملف صناعة البرمجيات وبسرعة.
كانت مشكلة البرمجيات وما زالت في الكلفة الباهظة التي تتكبدها الدولة في الإنفاق على التطبيقات خصوصا الكبيرة منها كأنظمة الموارد المؤسسية، مع عدم وجود مردود يتناسب مع هذا الإنفاق من حيث الجودة أو المعرفة. كانت مشكلة الأنظمة الكبرى، كما أفضل تسميتها، تؤرق الكثير. فلم يكن المستفيدون وحدهم الذين يشعرون بالمشكلة إنما كان أغلب المهندسين يخالجهم الشعور نفسه. فلو كان الإنفاق العالي يستصحب معه نقلا للتقنية أو جودة عالية لهان الأمر، إنما الذي يحدث هو الإنفاق على أنظمة ضعيفة الفاعلية لا يمكن إعادة استخدامها أو تطويرها ذاتيا إلا في نطاق محدود كونها أنظمة مغلقة ومقيدة بحقوق ملكية. ويبدو للمتابع شغف الزملاء في مجال البرمجيات بفكرة بناء أنظمة محلية. كل الذين التقيتهم في مناسبات عديدة، كورش برنامج التحول الوطني التي عقدت قبل الإعلان عن رؤية 2030، حيث كنا نعمل على الخطط الاستراتيجية للجهات؛ كانت كل التعليقات والأحاديث عن فكرة نظام وطني للموارد المؤسسية بمثابة الحلم الذي يراود الجميع.
لا أكاد أجد مثالا أقرب لوصف شعورهم بصناعة البرمجيات سوى صناعة السيارات التي أصبحت مرادفا لمفهوم التقدم العلمي والتقني. ولطالما وجد الكثير ممن أعرف صعوبة في تقبل تعقيدات صناعة الأنظمة البرمجية، بل ربما وجد غير المتخصصين صعوبة في قبول أن البرمجيات بحد ذاتها صناعة أصلا إذا قورنت بصناعة السيارات؛ وفي ذلك تكون لب المشكلة. فصناعة البرمجيات تعد من قبيل غير المحسوس فلا يستطيع أغلب الناس رؤية ماكينة برمجياتهم على قربها. فكل ما تصنعه يستودع في مخازن افتراضية لا يشعر بحجمها وتعقيدها الحقيقي حتى المختصون، ولا يظهر منها إلا رأس مدبب صغير يمثل قمة جبل الجليد كما يقال. ومع أن مجال البرمجيات دقيق، وله خطورة يزداد شأنها مع الأيام، إلا أن الطريق إلى أدوات صناعتها مفتوح، فهل نحن مقبلون على ثورة في صناعة البرمجيات بتوجه الدولة الجديد؟، أعتقد ذلك، إنما علينا أن نلتفت لعدة أمور أتركها للمقال القادم.




http://www.alriyadh.com/1872239]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]