الأبحاث والدراسات والأرقام الدقيقة أساس مهم يقوم عليه التخطيط وتشخيص الوضع إن سلبا أو إيجابا، ولا يمكن لوطن أن يستغني عن تلك الأبحاث والدراسات، كما أن الاعتماد على أبحاث ودراسات أجريت في مكان آخر غير الوطن نفسه أمر خاطئ مضلل فلكل بيئة ومجتمع ظروفه الخاصة.
الأخطر من الاعتماد على دراسات وأرقام وأبحاث تمت في دول أخرى هو الاعتماد على أبحاث ودراسات وأرقام تمت بطريقة قاصرة خاطئة مستعجلة الهدف منها سرعة نشر ورقة علمية وبناء على نشرها الحصول على ترقية في سلم أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، وهذا ما يحدث عندنا تحديدا وذكرته في أكثر من مقال قديم وحديث بحكم ما عايشته كمعيد وباحث ثم محاضر في كلية الصيدلة، وهو بالمناسبة أمر دارج في جميع الجامعات، وكنت طالبت كثيرا بعدم ربط الترقيات بنشر الأبحاث وإعتاق البحث العلمي من ربطه بالترقيات وإنقاذ الدراسات العلمية من عذاب الارتباط بالنشر والحصول على الترقية، الذي أدى إلى فساد في مجال البحث العلمي و(فبركة) وتحيز في النتائج والأرقام لتصبح ملائمة للنشر وبالتالي الخروج بدراسات وأرقام مضللة للوطن.
قلت في آخر مقال حول هذا الموضوع المهم نشر في هذه الصحيفة الغراء في 17 يناير 2021م بعنوان: (فساد الأبحاث الأشد خطرا): يكون الفساد في الأبحاث الطبية والعلمية بأن يجريها مساعد باحث أو فني متعاقد، بينما تحمل اسم أستاذ جامعي لم يشارك في إجراء البحث، وربما لا يعلم شيئاً يذكر عن البحث، ويكون الهدف من هذا الفساد هو الحصول على ترقية في سلم أعضاء هيئة التدريس أو أن يكون طبيباً أو صيدلانياً، ويستغل البحث في الحصول على بدل تميز.
وفي حوار متلفز أكد وكيل وزارة الصحة المساعد للصحة الوقائية استشاري الأمراض المعدية د. عبدالله عسيري ما ذكرت حينما طالب بفصل الأبحاث الطبية عن الترقيات في الجامعات مبينا بمنتهى الصراحة قلقه من أن الأبحاث الطبية عندنا تعاني من قصور سببه السعي وراء الترقيات باستعجال النشر.
أما أنا فأرى أن الأبحاث والدراسات العلمية قاطبة (وليس فقط الأبحاث الطبية) يجب أن تبعد تماما عن أمر الترقيات، وأن يتم مراقبة دقة الأبحاث عن طريق هيئة عليا متخصصة تجيز وتراقب البحث العلمي وتتأكد من سلامة مراحله وأن من قام به هو الباحث الرئيس ومساعدوه ويتحملون مسؤولية جميع نتائجه التي سيعتمد عليها الوطن في رسم خططه وتبني أرقامه، ويحاسبون إذا ثبت مخالفتهم لأخلاقيات البحث العلمي أو التلاعب بالنتائج أو عدم قيامهم بالبحث بأنفسهم.




http://www.alriyadh.com/1872242]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]