الولايات المتحدة هي أقوى وأغنى دولة في العالم حتى الآن، فليس هناك ناتج محلي إجمالي عند أحد غيرها من البلدان يضاهي حجم ناتجها الذي يزيد على 21 تريليون دولار، فالصين التي تنافس الولايات المتحدة اقتصادياً لا يزال ناتجها المحلي عند 13 تريليون دولار.
أما من حيث القوة العسكرية، التي تعد إحدى علامات القوة ورمزها، فإن الولايات المتحدة لا تهاب أحداً غير روسيا التي تعد الدولة الوحيدة في العالم القادرة على تدميرها، والولايات المتحدة ترغب في الحفاظ على تفوقها العسكري، ولذلك تنفق على الدفاع بسخاء، حيث وصلت ميزانيتها العسكرية عام 2019م إلى 732 مليار دولار، أي ما يساوي تقريباً إجمالي ما أنفقته الدول العشر التالية لها في القائمة.
ولهذا، فليس مصادفة أن تتربع الولايات المتحدة على عرش النظام العالمي منذ العام 1991م، وأن تصبح بعد انهيار الاتحاد السوفيتي الحارس والشرطي الدولي الذي يسهر على أمن وسلامة النظام الذي تترأسه، وعلى هذا الأساس صارت واشنطن توجه العالم كما يتراءى لها، مستبدلة القانون الدولي بالقانون الذي تشرعه، ولهذا فهي تتجاهل الأمم المتحدة -رمز الشرعية الدولية- عندما تتعارض قوانين هذه الأخيرة مع قوانينها.
وهذا الشعور بالتفوق والعظمة، وإن كان مبرراً، خلق عند واشنطن عقدة هي أقرب إلى عقدة هارون الرشيد، الذي قال عندما نظر للسماء ورأى السحابة فوق رأسه: أمطري حيث شئت فسوف يأتيني خراجك. فالولايات المتحدة، كما يبدو لي، تتصرف بالذهنية نفسها، بعد أن أصبحت لا تخشى عواقب ما تقدم عليه، فهي ترى أن جبروتها قادر على تحييد أي خطأ ترتكبه، وتجعله يصب في صالحها، وهذه الاستهانة جعلت الروس يشتكون بأن المتخصصين بالشؤون الروسية في الولايات المتحدة قد تقلصوا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي إلى درجة أصبح ليس هناك في واشنطن من يفهم روسيا، والسبب أن الكل يريد أن يفهم أميركا حتى وإن لم تفهمهم.
ولكن هذا كان قبل العام 2008م، عندما بدأت الصين وروسيا تزاحم الولايات المتحدة -الأولى اقتصادياً والثانية عسكرياً- فهذه المزاحمة قد جعلت واشنطن على ما يبدو أقل صبراً حتى مع حلفائها. وهذا قد يؤدي إلى فقدانها لهم، كما لمح إلى ذلك الفريق ضاحي خلفان بن تميم الذي رأيته لأول مرة بدبي في قاعة صغيرة هي أقرب للفصل الدراسي عندما حضرت للاستماع للمحاضرة التي ألقاها الدكتور محمد جابر الأنصاري وكان هو بين الحضور.
بالفعل، إن المملكة من الدول التي ساندت وعضدت أميركا في جل معاركها الكبرى، ومن حقها أن تطلب التعامل معها على هذا الأساس.




http://www.alriyadh.com/1873404]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]