لا أحب كلمة نصائح أو وصايا أو إرشادات، وبحثت عن كلمة بعيدة عنهم ولم أجد سوى كلمة همسات، وبعيدا عن الحس الغزلي الذي تحمله الكلمة فأنا أقصد أن ما أود قوله هو أقرب إلى الهمس، إلى اليد الرقيقة التي توجهك بلمسة أو تشير إلى الطريق من دون أن تدفعك إليه.
كتب فهد عافت قبل أيام إلى الكاتب الذي يطلب رأيه أن يكتفي بتطوير نفسه بعيدا عن أي رأي مباشر. أعتقد أن كاتبا كفهد يعاني من كثرة طلبات الكتاب المبتدئين لإبداء رأيه فيما يكتبون، وهي في الحقيقة مسألة مرهقة نفسيا لأنها تأخذ من وقت الكاتب، وإذا لم تكن الكتابة جيدة فهي تأخذ من روحه أيضا كيف يخبر الكاتب أن كتابته ليست جيدة، وإذا أراد أن يخفف الضرر فعليه أن يكتب له بالتفصيل أين ولماذا وكيف يتحسن، ولأنه ليس ناقدا فالمسألة ليست ممتعة بتاتا.
في بداياتي كنا نرسل للصحف، والصحف هي التي تقرر إذا كانت كتابتك جيدة بما يكفي، الآن صار متاحا أن تنشر في كل مكان دون أن تعرف إذا كنت كاتبا فعلا أم أن أصدقاءك ومعارفك يجاملونك فيما تكتب في مدونتك الخاصة أو في الفيسبوك. وحتى النشر، أنت لا تعرف إذا كانت دار النشر تطلب منك مالا لنشر كتابك تفعل ذلك لأنها تفعله مع الجميع أم معك فقط لأن كتابتك غير جيدة. المسألة محيرة فعلا. وأنا أغبط الكتاب القادرين على ممارسة هذا الدور، أقصد دور المرشدين للكتاب الجدد.
تذكرت بداياتي، كنت جيدة بما يكفي لأن تنشر كتاباتي منذ أول مرة، لكن ذلك سبقه محاولات عديدة بيني وبين نفسي، أتذكر أول قصة كتبتها ولم أنشرها، كنت في المرحلة الثانوية، قرأتها على نفسي وأحسست كم هي وعظية، اختفت تلك القصة، لم أعترف بها حتى لنفسي. لذلك أتفق مع فهد، يمكنك أن تعرف إذا كنت جيدا بما يكفي. لكنك لن تستغني عن آراء الآخرين بعد ذلك، محظوظ أنت إذا وجدت مرشدا، أحدا يؤمن بموهبتك ويعطيك بعض الملاحظات، عليك أن تظهر موهبة في البداية كي يمنحك أحد وقته، والكتابة موهبة يتم صقلها بالقراءة، عليك أن تقرأ وتقرأ وتقرأ قبل أن تتجرأ وتبدأ الكتابة، إذا كانت الكتابة قدرك، عليك أن تتحمل المهر الذي تطلبه، والإرهاق الذي تسببه، الكتابة متطلباتها كثيرة، وحتى بعد أن تصل، وتصبح اسما معروفا، يمكن لناقد مبتدئ أن يصدر حكما على كتابك أو عليك، ستكون وقتها في موقع يسمح لك بالابتسام وعدم الالتفات. لكن ذلك أمر آخر يحتاج مقالا آخر.




http://www.alriyadh.com/1874334]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]