التلوث الضوئي، هو وجه جديد من أوجه التلوث المعاصر في البيئة الحضرية، الناتج عن الاستخدام المفرط للضوء الاصطناعي في كثير من مدن العالم، بما فيها مدن المملكة الكبرى، التي جاءت للأسف مع شقيقاتها عواصم دول الخليج العربية في المرتبة الثانية بعد سنغافورا في معدل ارتفاع مستوى هذا التلوث، وذلك وفق بيانات أطلس التلوث الضوئي الذي شمل العالم بأسره، وصدر في العام 2016، حيث أشارت الدراسة في هذا الأطلس إلى أن 83 % من البشر حول العالم متأثرون بهذا التلوث، وإن تفاوتت درجات هذا التأثر.
الآثار السلبية لهذه الظاهرة ذات المعدل المتزايد لا تقف عند صحة الإنسان وحسب، وإنما تتعداه إلى الأنظمة البيئية الحيوانية والنباتية، حيث يشير العلماء إلى أن العديد من الكائنات الحية وخاصة الإنسان، تعتمد على ما يعرف بإيقاعات الساعة البيولوجية وإفراز هرمون (الميلاتونين) ليلاً، ذي الصلة بتنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ لدى البشر وأغلب الكائنات الحية، الذين عند تعرضهم للضوء الاصطناعي أثناء النوم يتسبب ذلك في انخفاض إنتاج هذا الهرمون، وبالتالي يؤدي ذلك إلى حدوث اضطرابات في هذا الجانب، تصاحبه مشكلات صحية تشمل الصداع وإجهاد العمل والإرهاق والقلق، وربما السمنة والإصابة ببعض الأمراض المستعصية، هذا بخلاف أن الإضاءة الاصطناعية تستقطع نحو ربع الكهرباء المستهلكة عالمياً، وبالتالي يتسبب الإفراط في استخدام هذه الإضاءة إهدار كبير للطاقة، والمساهمة في تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.
ما نتمناه مع انطلاقة احتفالية «نور الرياض» في الثامن عشر من هذا الشهر، على مدى أكثر من أسبوعين وما تشتمل عليه من عروض فنية تفاعلية تعتمد على الإضاءة في مواقع متعددة بمدينة الرياض، وتهدف إلى تحسين جودة الحياة في المدينة بما يتوافق مع أهداف رؤية المملكة 2030 وتعزيز الجوانب الثقافية والفنية في المدينة، هو أن تكون بوابة للعناية بهذا الجانب وتسليط الضوء عليه في العاصمة الرياض ليمتد إلى بقية مدن المملكة الأخرى، لا سيما مع اختيار الاحتفالية هذا العام لشعار «تحت سماء واحدة» ليكون بمثابة رسالة تحفيزية لمزيد من التفاعل مع الحدث، الذي يتمحور حول القيم الإنسانية المشتركة، وينسجم في أبعاده مع الدافع الفطري لدى الإنسان في تتبع الضوء والنظر إلى النجوم. كما نتطلع لأن يكون هذا الحدث مناسبة تأخذ فيها الهيئة الملكية لمدينة الرياض زمام المبادرة -كما عهدناها دائماً- في وضع الضوابط والمعايير الفنية التي تراعي الجانب الصحي والبيئي، للتقيد بها أثناء استخدام الإضاءة في الأماكن العامة بمدننا.




http://www.alriyadh.com/1874385]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]