يقول كولن ويلسون في كتابه The Outsider: «منذ أن كنت في الثانية عشرة من العمر شغلتني فكرة معنى الوجود البشري، وألح ذهني علي مصراً أن هناك بلا شك طريقة علمية للإجابة على سؤال الوجود البشري، ولما وصلت للرابعة عشرة اكتشفت كتاب Man and Superman لبيرنارد شو، وصدمت أنني لست أول من فكر في هذا السؤال».
في صغري أتتني مثل هذه الأفكار، ليس بشكلٍ عابر بل بعضها كان يقتحم عقلي كثيراً، لكن عندما ذكرتها لبعض الكبار لم تجد الأهمية التي كانت لدي، بل أفكار الأطفال دائماً يُنظر إليها أنها مجرد فقاعات تظهر وتختفي بلا أثر ولا أهمية لها للأسف، وأتذكر ما قاله أبو مسلم الخراساني، وهو أحد قادة الدولة العباسية، ورغم جبروته وظلمه وسفكه للدماء إلا أنه كان شديد الاجتهاد ولا يتوقف عن العمل والتخطيط، وبدأ هذا الأمر منذ صغره، ففي طفولته كان يتقلب في الفراش عاجزاً عن النوم فتسأله أمه: ما شأنك؟ فيقول: يا أماه، همةٌ تنطح الجبال.
بعض أقوى الهمم تأتي بسبب أهداف الطفولة، فالمذيع الفكاهي الشهير ديفد ليترمان فتح التلفاز وهو طفل وشاهد المذيع الحواري جوني كارسون، وانبهر به، وجعل هدف حياته أن يدخل هذا المجال بل أن يرث البرنامج الأسطوري هذا The Tonight Show، ومكث عشرات السنين يعمل باجتهاد ممزوج مع القلق والضغط والتوتر والصراعات والآلام حتى نجح نجاحا باهرا وصار جزءاً من الثقافة الأميركية كاملة في التسعينات، ورغم أنه لم يحصل على نفس البرنامج لظروف معينة فإنه أوشك أن يناله، وصنع برنامجه الخاص والذي كسر الرقم القياسي لأطول برنامج حواري في التاريخ، فمكث على الهواء 33 سنة، وأتى بثروة تقارب نصف المليار دولار معتمداً على براعته الحوارية والفكاهية والترفيهية.
قرأت قصة حياته وكان دافعه الأول في كل هذا هو حلم طفولته، مثل المحرك النووي الذي يدفعه للأمام مهشّماً كل الظروف والصعوبات.
هل ترى هذا في نفسك؟ هل تراه في أطفالك؟ احتضن أحلام وأهداف الطفولة، فربما تصنع قصص نجاحٍ عظيمة.




http://www.alriyadh.com/1875157]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]