يبدأ النقاش حول فعالية استخدام الطاقة الشمسيّة في إضاءة الطرق، ثم يتحوّل إلى تأثير ارتفاع عمود الإنارة على ذلك، ثم المسافة بين الأعمدة، وهكذا دواليك يستمر قيام الخصم بتغيير هدف النقاش؛ كما لو كان حارساً في مباراة يقوم كل مرة بتحريك مرماه ليتفادى هزّ شباكه!
مغالطة "تحريك المرمى" هي استعارة مستمدة من الرياضات التي تتضمن مرمى أو ما يشابهه، ككرة القدم أو الرغبي، للتعبير عن التغيير المتواصل في الهدف أو مغزاه، رغم أن المنافسة قد بدأت ولا تزال مستمرة! ويفترض أن لا تبدّل حدود منتهاها منذ الانطلاقة وحتى النهاية، هذا التغيير في محور النقاش هدفه تغيير قواعد اللعبة، ما يؤدي إلى حرف مسار النقاش، ثم طلب براهين وشواهد أخرى!
من الطريف استذكار أن حارس المرمى الدنماركي "كيم كريستين" قد ضبط في الدوري السويدي عام 2009م وهو يدفع قائمي مرماه، حتى يصعّب تسجيل الأهداف على الفريق الخصم، لكنه وللعجب لم يعاقب! إذ لا يوجد عقاب محدد في قوانين كرة القدم، على عكس لعبة هوكي الجليد، التي يمنح الفريق الخصم ضربة جزاء إذا كان اللاعب هو من حرك المرمى، بينما يطرد حارس المرمى إذا كان هو من حرك مرماه!
يرجع أصل الاستعارة اللغوية لهذه المغالطة المنطقية إلى تصريح وزير المالية البريطاني "نايجل لوسون" عام 1987م حينما قال: إنه لا يرى "أي سبب لتحريك المرمى على الإطلاق"، ملمحاً لتغيير أهدافه المالية للتتوافق مع ممارسات سياساته آنذاك، ما جعل العبارة تدخل حيّز الاستخدام على نطاق واسع في المملكة المتحدة، تعبيراً عن أسلوب المضايقة والتشتت خلال الحوار، عبر إعادة تحديد الأهداف بشكل مستمر.
هذه المغالطة تستغل من حولنا بشكل دائم! بداية من الأب الذي لا يفتأ يغير مطالبه من أبنائه حينما يقومون بتنفيذ ما فرضه عليهم! أو المدير المتسلط الذي يضع لموظفيه أهدافاً للتحقيق، لكن ما إن يحققها موظفوه أو يقتربوا منها يقوم بتغييرها ولا يتوقف عن ذلك! أو حينما لا ينفك الزبون من تغيير الخصائص التي يرغب بها، ما يؤدي إلى عدم حصوله على المنتج! أيضاً تستخدم تقليدياً في ألاعيب السياسة ودهاليزها، كون السياسي بحاجة دوماً لتغيير أهدافه أو منطلقاته، حتى يصل إلى مراده.
على الجانب الآخر يرى الفليسوف النمساوي "كارل بوبر" أن لهذه المغالطة حتميّة إيجابية في مسيرة البحث العلمي، وقابلية العلم للاختبار التجريبي والتكذيب، إذ يجب أن يتقدم البحث العلمي بناء على قواعد مباراة قابلة للتطور والتغيير ولا تنتهي من حيث المبدأ.
من الطبيعي والمتوقع أن يتطوّر الحوار ويتشعّب، لكن من المهم العودة دوماً للأصل وتحديد ما اتفق عليه، بدلاً من التشتت وملاحقة مرمى لا يتوقف عن التحرك؛ لن تستطيع التسديد نحوه وتحقيق الهدف!




http://www.alriyadh.com/1876102]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]