قبل ثلاث سنوات تقريبا، أثارت شابة مصرية تدعى سارة أبو الخير ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي بعد أن قامت بنشر خبر مفبرك كجزء من تجربة اجتماعية لمعرفة مدى انتشار الأخبار المضللة على منصات التواصل.
بدأت القصة بنشر سارة لفكرة طريفة تتمثل في شواء اللحوم على لهب الصواريخ قبل انطلاقها، وزعمت أن وكالة ناسا أعجبت بالفكرة وقررت الاستفادة منها، ومن هنا اجتاحت القصة فضاء المغردين وتم تداولها على نطاق واسع وانهالت الطلبات من وسائل الإعلام لاستضافتها في حوارات حول هذه الفكرة الجديدة وتداعياتها.
قررت سارة أن تكشف الحقيقة وأن الموضوع لا يعدو أن يكون مزحة وتجربة لمدى تفاعل الناس مع الأخبار المضللة، واحتفائهم بالإنجازات مهما كانت تافهة، شبكة بي بي سي العربية كتبت عن هذه القصة وأشارت إلى دراسة قام بها معهد MIT على 1500 شخص وخلصت إلى أن الأخبار الزائفة تنتشر على تويتر 6 مرات أسرع من الأخبار الحقيقية.
مازال الناس حديثي عهد بالعملية الثورية التي طرأت على التواصل الإنساني والمتمثلة في الشبكات الاجتماعية الافتراضية، ولا يزالون محتفظين بافتراض حسن النية في صدق المتحدث، إذ يتعاملون معه كما كانوا يتعاملون مع الأشخاص الذين كانوا يتحدثون لهم وجها لوجه، والذين كانوا في الغالب من معارفهم. وبطبيعة الحال الأخبار الأكثر غرابة تنال نصيبا أكبر في الانتشار.
إلا أن السؤال هنا: إلى متى سيصمد حسن النية وافتراض أن ما يقوله الناس خلف الأقنعة والأسماء المزيفة حقيقة؟ أظن أن هذه الثقة آخذة في التآكل بسبب تتابع الصدمات في أكاذيب صدقناها واكتشفنا أننا كنا ضحايا لثقتنا في أشخاص يشبهون من كنا نعرفهم ونثق في مصداقيتهم، وللأسف سينسحب هذا الارتباك في الثقة على جميع ما يرد إلينا من معلومات وأخبار وسيكون خيارنا الأول هو الشك، بعد أن كان افتراض المصداقية مقدما حتى يثبت العكس.
ثورة التواصل الاجتماعي الحديثة لا يشبهها أي شيء مر على تاريخ البشرية منذ أن اخترع الإنسان الكتابة، ومازلنا في بدايات هذه الثورة ولا نعلم تداعياتها على المدى الطويل؛ وعلى الرغم من سيئاتها وسلبياتها الكبيرة، إلا أنها تنطوي على الكثير من المنافع وندين لها بالعديد من الإنجازات. ومن يعلم، فقد يسأم البشر بعد سنوات من هذه الوسائط الجديدة في التواصل ويهجرونها ويعودون إلى طبيعتهم الاجتماعية في التفاعل مع بعضهم البعض.




http://www.alriyadh.com/1876419]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]