بقدر القلق من العجز الاكتواري لأنظمة التقاعد في المملكة، بقدر حالة الاطمئنان من أن حكومة خادم الحرمين الشريفين ستكون قادرة على تلافي هذا العجز في وقت باكر بطريقة أو بأخرى، ما يضمن قدرة المؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية على الإيفاء بالتزاماتهما تجاه مئات الآلاف من المستفيدين.
وأبسط تعريف للعجز الاكتواري، هو عدم القدرة "مستقبلاً" لصندوق أو حساب التقاعد والتأمينات، على تغطية المتطلبات المالية للمشتركين؛ لأن الإيرادات من الاشتراكات واستثماراتها لا توفر المنافع، فيبدأ استهلاك الأصول الاستثمارية، ثم تصبح المؤسسة عاجزةً عن دفع المعاشات والتعويضات لمستحقيها.
وعندما يتجاوز العجز الاكتواري المتوقع في مؤسسة التأمينات ـ على سبيل المثال ـ 800 مليار ريال وفق دراسة تغطي مدة 60 سنة (1434 إلى 1494)، فهذا يبعث على التوجس، ويدفع إلى إيجاد حلول عملية للتغلب على العجز بأسلوب ابتكاري، يضمن حقوق المستفيدين، ولا يلقي بالحمل على كاهل خزينة الدولة، ويبدو أن الحل ليس ببعيد عن رؤية المملكة 2030.
ورغم أن جميع الاقتراحات المطروحة على الساحة غير كفيلة بسد العجز الاكتواري كاملاً، إلا أن أفضل الحلول الممكنة لمؤسسة التقاعد، هو التوسع في بنود استراتيجيتها العامة لتحقيق متطلبات الرؤية، وفيها تتعهد المؤسسة بتطوير خدماتها للمشتركين إضافة إلى المتقاعدين، ومنها برنامج "مساكن" الخاص بتمويل موظفي الدولة والمتقاعدين لشراء المساكن، والحرص على تطوير القدرة الاستثمارية، واستقطاب وبناء القدرات المتخصصة في الاستثمار وإدارة المخاطر، وهذا يضمن للمؤسسة اصطياد عصفورين بحجر واحد؛ الأول: تقديم خدمات نوعية للموظفين والمتقاعدين، والآخر: تحقيق عوائد مالية أفضل لدعم خزينتها، ويضاف هذا إلى العمل مع القطاع الخاص لتقديم خدمات وعروض مميزة للمتقاعدين والمستفيدين، تجلب الفائدة لخزينة المؤسسة.
ويتماشى هذا التوجه مع مبادئ الدولة الرافضة لمبدأ المجازفة بأموال المتقاعدين في استثمارات عالية المخاطر، لأنها ترى أن أصول التأمينات من الاشتراكات أمانة لا ينبغي المخاطرة بها في استثمارات غير مضمونة العواقب.
وما يبعث على الاطمئنان أن العجز الاكتواري في مؤسس التقاعد تحت مجهر الدولة، تراقبه وتحتاط له، فنظام المؤسسة ينص في مادته الـ25 على إجراء دراسة مفصلة للحالة المالية للمؤسسة، ولكل فرع من فروع التأمينات مرة كل ثلاث سنوات على الأقل، ويمكن أن تُتخذ الدراسة المذكورة أساساً لإعادة النظر في معدل نسب الاشتراكات، وإذا أظهرت الدراسة عجزاً اكتوارياً، فتلتزم الدولة بسد هذا العجز بواسطة إعانات ترصدها في الميزانية العامة.




http://www.alriyadh.com/1880263]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]