هذا اسم، كان يطلق على أرقى حذاء، وقفت عليه في تلك الأيام الخضراء، التي تميزت بندرة الزاد وقل المال والمعرفة بالموديلات أو الماركات. كنت وأنا أنتعل في تلك الأيام، "شبشب زنوبة" أو صندلاً بلاستيكياً، أقف أمام "فترينة" محل الأحذية الزجاجية، لأملأ نظري من الحذاء الأسود اللامع ماركة مرسيدس، حتى ساعدني الحظ، فاستدرجت والدي إلى ذلك المحل المواجه لمدرسة العلوم الشرعية الابتدائية، الذي يعرض فيه، حيث كنت أدرس؛ ومن تلك الرحلة مع والدي تحقق الحلم، في أن تنعم رجلي بارتداء ذلك الحذاء الفاخر اللميع، الذي كان يتميز بمقدمة تشبه رأس القلم، ما جعل رجليّ العريضتين، لا تقبلان لتكونا على راحتهما، إلا بأعلى المقاسات، رجلان لم يكن يليق بهما في العيد إلا المداس الشرقية أو التلي، وهو حذاء موشى بخيوط ذهبية، يلبس عادة في عيد الفطر، أو حذاء باتا وهو صناعة شعبية إيطالية كان يصنع أو يجهز في القاهرة، أو في أسوأ الفروض "شبشب زنوبة" الذي كان نعال الجماهير المفضل، لرخصه، وخفته، وقدرته على مقاومة الطرق الترابية. لكن وبصورة عامة، ليس هناك من يهتم بالأحذية مثل النساء. أشكال وألوان وماركات لا حصر لها، تركض خلفها النساء، وتدفع لاقتنائها باهظ الأثمان، خصوصاً إذا كانت من تلك المرصعة بالذهب والفضة واللؤلؤ. ومن هذه؛ الحذاء ذو الرقبة، الذي يعتبر لاعباً أساسياً، في عالم الأحذية، فمثلما كان لهتلر، وهو يقوم بمغامراته الحربية ولجنوده في جبهات القتال؛ هو أيضاً للنساء، حين يدخل الصقيع، رقيقاً ناعماً موشى بالسحابات الذهبية، والفرو، ومجهز بأرقى أنواع الجلود، إضافة إلى الكعب المهيب، المطلوب لقصيرة القامة، ليطولها، أو يرفع جسمها، فهو مطلوب لطويلة القامة ليزيد هيكلها هيبة على هيبة. ومن يراقب ما يُرتدى من الأحذية، سوف يجد أن الحذاء يعكس شخصية صاحبه، وذوقه، ودرجته الاجتماعية، وربما الاقتصادية؛ هذه حقيقة سوف تلاحظها وأنت تستعرض صور وتحركات المشاهير، وترى البسطاء من عامة الناس، وهم يخطرون، في المجالس والأسواق؛ كل واحد من هؤلاء حذاؤه على مقاسه، المالي، والاجتماعي، وحتى العلمي! حتى السياسة كان لأحذية من يرتادونها دور يؤدى عندما تقتضي الظروف، فقد استخدم حذاء القائد الروسي "خرتشوف" على منصة اجتماعات هيئة الأمم المتحدة، كما قذف مواطن عراقي حذاءه، على الرئيس "بوش" وهو يلقى خطاباً، أثناء زيارته العراق، بعد سقوط نظام صدام حسين. وبعد؛ هذا إنذار للمنادين بالمساواة بين الجنسين: إن فكرة العجز تتفشى بلا كابح في تاريخ الأحذية، بداية من تقييد الصينيين للأقدام، وحتى كعب الحذاء المسماري في القرن الواحد والعشرين، إني لأحب الحذاء عالي الكعبين، قالها مراراً المصور البريطاني "ديفيد بايلي": "معنى ذلك أن الفتيات لا يستطعن الهرب مني". وللأحذية على الدوام صناع ومصممون مهرة، لمنتجاتهم صفة عالمية، من أبرزهم كوكو شانيل، كرستيان ديور، سلفاتو ريفيراماجو.




http://www.alriyadh.com/1880812]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]