المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، العادات التي تزيدنا قوة يمكن أن نكتسبها في رمضان لتبقى معنا بقية شهور العام، وترسيخ العادة في الغالب يحتاج إلى تكرارها عشرين مرة وهذا ما يمكن أن يتحقق في هذا الشهر الفضيل..
الشيء الثابت في هذا الكون هو التغيير المستمر والحركة الدائبة، من لا يتغير لا يبقى في مكانه، إما يجرفه التيار ويجبره على التغيير أو الانكفاء ثم الاختفاء، فصول العام تتغير والأشهر لا تشابه بعضها، هذه الأيام نعيش في شهر رمضان وهو يختلف تماماً عن بقية أشهر السنة، وهو فرصة لا تعوض للتغيير الإيجابي على كل المستويات، هذا الشهر يفرض علينا سلوكاً مختلفاً وانضباطاً لا يوجد في غيره من الأشهر، نستطيع أن نحوله إلى أفضل أشهر السنة، ليس في العبادات المعروفة كالصيام وصلاة التراويح وقراءة القرآن وإخراج الزكاة فقط، ولكن في عبادات أخرى تزيدنا قوة وصحة وعطاءً، بشرط أن نتخلص من عادات وتقاليد مكبلة ومضرة نمارسها في شهر رمضان، حيث أصبح شهر السهر وقلة الإنتاج والتخمة والسمنة والتبذير والاستهلاك، نبحث عن أكثر الأطعمة ضرراً فنجعلها أمامنا ونحن جياع، فلا نتمالك إلا أن نلتهمها من دون تفكير في عواقبها، ومنها السكريات والحلويات والنشويات والمقليات بأنواعها، ولو أراد أحد أفراد الأسرة التغيير فسيجد المقاومة من الباقين، ارتبط رمضان بهذه السلبيات حتى أصبح أكثر الشهور بذخاً وتبذيراً وكسلاً وقلة إنتاج.
وفي هذا الشهر الفضيل ينشط المتسولون وأكثرهم قدم أو استقدم لهذا الغرض من خارج البلاد وعن طريق عصابات تتاجر بالبشر، ينتشرون في الأسواق والمدارس والمساجد وأمام إشارات المرور، ويوجدون في الأماكن التي لا يوجد بها رقابة، والسبب الأول لذلك هو ذلك الشخص الذي يعطيهم، فطالما وُجد من يعطي المال سيوجد المتسول مهما حاولت الجهات المعنية مكافحته، ولذا أرى أنه كما يقبض على المتسول، يجب أن يعاقب من يدفع المال لمن لا يعرف مصير هذا المال، وبهذا نقضي على هذه الظاهرة التي ارتبطت برمضان.
التغيير الإيجابي في حياتنا مهم، ويجب أن نستثمر كل تغيير للمزيد من القوة والصحة والإنتاج، وهذا يتطلب جهوداً كثيرة وانضباطاً، من أهمها:
أولاً: الاستفادة من هذا الشهر الفضيل بجعله شهر الصحة ومكافحة الأمراض التي سببها زيادة الوزن، حيث أصبحت المملكة من أوائل دول العالم في الأمراض المرتبطة بالسمنة، وخصوصاً داء السكري من النوع الثاني، إضافة إلى أمراض القلب والشرايين والعمود الفقري والمفاصل، إلى درجة أن الكثير من كبار السن أصبحوا مقعدين ويعانون بسبب الأمراض السابقة الذكر، إضافة إلى ما تتكبده المنظومة الصحية من تكاليف باهظة لعلاج أمراض يمكن تفاديها.
ثانياً: لتحقيق ما ورد في أولاً، لا بد من وضع هدف مكتوب للتخلص من الوزن الزائد في شهر رمضان المبارك، وجود هدف واضح وخطة لإنجازه كفيل بتحقيق الهدف بإذن الله، الإنسان بحاجة إلى تذكير دائم بما يرغب في إنجازه، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف فلا شيء يذكر الشخص ويصدقه القول كالميزان في البيت، مع مخاطر السمنة أصبح الميزان من أهم مقتنيات المنزل، ذلك أنه أصبح حتى الأطفال عرضة لهذا الداء المنتشر (السمنة).
ثالثاً: ممارسة الرياضة في رمضان من أجمل الهوايات وأنفعها للكبير والصغير، وأفضلها في هذا الشهر المشي والسباحة، وتكتمل الفائدة حين يشترك أفراد الأسرة في رياضة المشي أو غيرها من الرياضات، والأطفال بصفة خاصة بحاجة إلى الحركة وترك أجهزة الكمبيوتر والهاتف لما يسببه الإدمان عليها من أضرار.
رابعاً: يجب أن نفكر في الفوائد العظيمة التي من أجلها فُرض الصيام ومنها تعلم الصبر والإحسان إلى المحتاجين، وسنضاعف فوائد هذا الشهر بإضافة عبادات غير مقيدة تزيدنا قوة وصحة وسعادة، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، العادات التي تزيدنا قوة يمكن أن نكتسبها في رمضان لتبقى معنا بقية شهور العام، وترسيخ العادة في الغالب يحتاج إلى تكرارها عشرين مرة وهذا ما يمكن أن يتحقق في هذا الشهر الفضيل.
المملكة حزمت أمرها، والقيادة العليا أطلقت رؤيتها وبرامجها وأهدافها، وليست مبادرات ولي العهد الطموحة سوى دليل ذلك، والإنسان هو الركيزة الأساسية لتحقيق الرؤية والوصول لنادي الدول المتقدمة، والاستثمار في العنصر البشري هو الأهم، علينا كأفراد أن نواكب طموح القيادة ونساهم في تحقيق أهدافها.




http://www.alriyadh.com/1880940]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]