(صدور كتابٍ لإيزابيل الليندي هو حدث بحد ذاته.. «باولا» كتاب سيبقى مرتبطًا في ذهن القارئ بزخم تجربة مؤثرة لا تنسى) هذه العبارة تصدّرت وختمت لوحة الغلاف لرواية «باولا» لإيزابيل الليندي الصادرة في طبعتها الأولى عام 1996م ترجمة صالح علماني.. حينما حاولت الليندي من خلالها بناء ذاكرة جديدة لابنتها التي تدخل نفقا صحيًّا تبقيها بين خيارين لا ثالث لهما فقد الذاكرة أو الموت.. رواية باولا التي تختصر ليالي كثيرة من الرجاء والبناء، من الحلم والتذكر من سيرة الأمس، ونبوءات الغد، من التنقل بين رفوف الذكريات كفراشة آيلة للضوء وخائفة منه معاً.. تترك لقارئها أزمنةً من الأحداث وعصوراً من التذكر.. رحلة لا تنتهي من العبور بين بحار الأمس وسهول الغد ومساحات مدهشة من الثقافات والعادات ممزوجة بروحٍ تصارع اليأس بالأمل والواقع بالحلم والتذكّر بالرجاء..
لا يعبر قارئ هذا الكتاب إلا محمّلا بدهشة الإنسانِ حين يتتبّع البدايات ويستشرف النهايات في آنٍ واحدٍ معاً.. تبرز خلاله قدرات مذهلة ومتفرّدة لروائية تختصر الطريق بين ما كان وما يكون ثم تأخذه معها لغرفة انتظار لا ينتهي..
باولا هي ابنة ايزابيل الليندي التي كتبتها روايةً بجوار سريرها بعد أن دخلت الابنة في غيبوبة طويلة ذكر الأطباء أنها حتى لو عادت منها ستعود بلا ذاكرة، لهذا تابعت تطور المرض وتفاعلاته في روحها بذاكرة منهمكة في العزاء والحلم معاً.. فهي تستعيد الوجع لتتجاوزه وتخلق الأمل لتحياه وتتذاكر أمسها وعثراته لتتجاوز غدها ونبوءاته الموحشة.. في سطورها مزيجٌ مدهش من رحلة الإنسان مع الوجود خياراته وأقداره.. أحلامه الصغيرة وعمره الطويل.. تاريخه المزدحم بالآخرين وشؤونهم علاقته الخاصة بسنوات عمره حينما تُؤرّخ السنوات بالأحداث لا بالأيام..
باولا رواية كتبت لتبقى لكل زمن.. يقرؤها أحدنا أكثر من مرّة ثم يتركها في رفوف شجنه ليعود إليها ذات حينٍ ويحملها في خبيئة لسانه كلما تذاكر الكتب التي يقتنيها في روحه المعرفية.
فاصلة :
منذ ابتدأت الكلام..
سألت شفاتي عن اللغة المستحيلة للصمت..
هل سوف نقدر يومًا عليها..
ومذ تمتمت بالإجابة..
قمت أفتش عنها بقلبي!




http://www.alriyadh.com/1880935]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]