للمساجد قيمتها الروحية والتاريخية على مرّ العصور؛ فهي تعتبر بداية تدشين التاريخ الحضاري للمسلمين في شتى البقاع والأمصار، منها انطلقت الرسالة المحمدية وجابت أصقاع العالم معلنة بزوغ دين شامل ونافع للبشرية وصالح لكل زمان ومكان.
وقد رفع الله جلّ شأنه من قيمة وقدر تلك المساجد إذ قرنها باسمه "مساجد الله" تعظيماً وتشريفاً لهذا القدر والقيمة الرمزية والمعنوية في حياة المسلمين إلى أن يبعثون، ولذلك فلا غرو أن تحظى المساجد بتلك العناية الفائقة من الخلفاء وولاة الأمر منذ انطلاق الرسالة حتى يومنا هذا؛ حيث يزخر التاريخ الإسلامي بتسابق الخلفاء والولاة لتشييدها والعناية بها والتنافس في إضفاء الطابع الجمالي والزخرفي عليها لتكون لائقة وجاذبة لقاصدي تلك المساجد؛ بل كان الاهتمام بها عاكساً لهذا التقدير والحفاوة.
ولا يخفى على المتابع أهمية المساجد باعتبارها حاضنة للعلم والفكر ونشر القيم قبل أن يتم تشييد الجامعات والمراكز البحثية والعلمية والحضارية.
ومن هنا تبدو الحفاوة والعناية بالمساجد في مملكتنا الحبيبة منذ عهد التأسيس على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- حتى عهدنا الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.
وتتجدد الحفاوة والعناية بمساجد الله عبر المشروع العظيم الذي سبق ووجه به سمو ولي العهد وذلك لتطوير المساجد التاريخية، لما تمثله من عمق إسلامي تاريخي وثقافي حيث جرى تطويرها ومحاكاة طرازها القديم وأسلوبها المعماري المستخدم فيها، وإبراز النقوش والزخارف المزينة لجدرانها وسقوفها، مع الاتجاه نحو الاستدامة والعمارة الخضراء.
إن هذا المشروع منذ انطلاقته وحتى الآن؛ يثير هذه المشاعر الجياشة لدى الجميع لأهميته ورمزيته العاكسة لقيمة المساجد باعتبارها المكان الذي يهرع إليه المصلّون لممارسة عباداتهم في جو روحاني عابق بالسلام والصفاء الوجداني، وما ردود الأفعال الإيجابية والمبتهجة والمتواصلة لدى المتابعين لهذا المشروع العظيم الذي أطلقه سمو ولي العهد لدى الأهالي في جميع المناطق التي تقع فيها تلك المساجد التاريخية؛ إلا دلالة على سمو ورفعة وقيمة هذا المشروع من سمو ولي العهد -حفظه الله- التي تعيد للمساجد التاريخية وهجها وقدرها العظيم؛ من خلال الترميم والعناية عبر المحافظة على طرزها المعمارية الأصيلة التي تجعلها تحافظ على أصالتها وتاريخها عبر ممازجة بين المعمار الإسلامي الحديث والزخارف الأثرية القديمة، والتي تعد امتدادًا جميلاً يعود بها لبداية تاريخ الإسلام.




http://www.alriyadh.com/1883561]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]