مُنِح الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر جائزة نوبل العام 1964، "لعمله الثري بالأفكار الداعي للحرية والبحث عن الحقيقة، والذي كان له التأثير الكبير على عصره" متمثلاً في روايات ومسرحيات ومقالات فلسفية تناولت موضوعات صادمة أحياناً عن الوجود والعدم..
سارتر المعروف بنضاله السياسي المعارض لسياسات باريس ودول أخرى، والمشهور بتعنته المبالغ فيه، حمل قلمه وكتب عدة أسطراً هزّت العالم معتذراً عن قبول الجائزة موضحاً: "لا أرغب في الظهور في قائمة الفائزين المحتملين، لا أستطيع ولا أريد لا في 1964 ولا بعده قبول هذا الشرف الفخري".
هكذا رفضَ بكل بساطة أكبر جائزة في العالم تمنح للمجهود الفكري، معززاً موقفه بأنّه يحرره من أي تبعية سياسية، لأن قبول الكاتب لأي منصب سياسي أو اجتماعي أو حتى أدبي يفقده حريته الفكرية، ويشوش صورته الحقيقية عند قرائه.
الكاتب الروسي بوريس باسترناك صاحب الرائعة الأدبية دكتور جيفاغو، سبق سارتر في رفض جائزة نوبل في التاسع والعشرين من أكتوبر العام 1958، معتذراً عن قبولها لأنه حسب وجهة نظره لا يستحقها، رافضاً أي تكريم يميزه عن رفاقه الكُتّاب الذين كانوا يعيشون بؤساً مشتركاً في تلك الحقبة. رفضه للجائزة أثار الكثير من الأسئلة، خاصة أن روايته الشهيرة دكتور جيفاغو الصادرة قبل ذلك التكريم في إيطالياً بسنة جعلت الدولة تتهمه بالخيانة، كما وصفت أشعاره أنها "أقلّ إشتراكية" وهذه تلميحات إلى أن رفضه للجائزة ربما كان تحت ضغوط السلطة آنذاك.
في السابع عشر من نوفمبر العام 1975 فاز الكاتب إميل أجار بجائزة غونكور الفرنسية عن روايته "الحياة أمامك" لكنّه رفضها، وبعدها بسنوات قليلة كشف السر على أن أجار اسم مستعار للكاتب رومان غاري.
من شروط غونكور أن لا ينال الكاتب الجائزة مرتين، وغاري نالها العام 1956 عن روايته "جذور السماء"، لكن كتاباته بعد نجاح وتألق كبيرين أصابهما نوع من الملل، فكتب روايته "عناق ضخم" سنة 1973 عن رجل يربي ثعباناً، تلك الشخصية التي ابتكرها أثّرت فيه بشكل كبير، فخطرت بباله فكرة أن يغير جلده ويولد بشخصية جديدة مثل ثعبان بطله، استهوته اللعبة وكانت نتائجها مبهرة أكثر من توقعاته.
منذ سنوات قليلة فقط رفض الكاتب جوزيف أندارس جائزة غونكور التي تمنح للعمل الأول، موضحاً أن "الأدب حسب مفهومه لا يجب أن يدخل نظام المنافسة".
مؤخراً صدمنا الفيلسوف الألماني وعالم الاجتماع يورغن هيبرماس برفضه جائزة الشيخ زايد والتي تقدر بأكثر من ربع مليون دولار، وهذا رقم يحلم به أي فيلسوف عربي يعيش في العوز والتهميش، لكن بما أن ما حدث قد حدث، فإن السؤال الذي يبقى عالقاً هو لماذا يُحرم فيلسوف عربي من الجائزة بسبب هيبرماس؟ نأمل أن لا يكون السبب قلّة اطلاعنا على نتاجنا الفلسفي.




http://www.alriyadh.com/1884525]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]