المملكة تعيش اليوم تحولات إيجابية كثيرة وعلى جميع المستويات، لكن أهمها جميعاً هو الاستثمار في الإنسان، وحسن تربيته وتعليمه وتأهيله؛ ليقود مختلف مرحل التطوير والتحديث في الحاضر والمستقبل..
كل التغييرات العظيمة التي غيرت وجه التاريخ على مستوى العالم بدأت برؤية قائد، كل الدول التي ارتقت إلى مصاف الدول المتقدمة صنعها قادة حالمون، قبل خمس سنوات كان الشكّ والخوف من المستقبل يناقش في المجالس، الخوف من تداعيات نقص أسعار النفط مع الزيادة المستمرة في عدد السكان ومتطلباتهم، الإرهاب وما يمثله من تهديد وتغلغل في بعض الدول المجاورة، ما يسمى بالربيع العربي وأجنداته السياسية، الثورة الإيرانية وتدخلاتها السافرة محلياً وإقليمياً. كل ذلك التوجس له ما يبرره، لكن وجود عنصر واحد مؤثر هو القيادة غيّر كل شيء.
الملك سلمان جاء إلى الحكم بعد تجارب استمرت لأكثر من ستين عاما، تجارب في التنمية وفي الاهتمام بالشأن الدولي والمحلي والأسري، وهو ما مكنه من تغيير الأوضاع للأحسن بصفة مستمرة، وقد وفقه الله وأعانه بوجود ولي عهد شاب، هو الأمير محمد بن سلمان الذي يتمتع بالشجاعة وبعد النظر والطموح، وهو ما جعله يطلق أهم المبادرات في تاريخ المملكة بعد توحيدها، وهي رؤية المملكة 2030 التي رسمت الطريق للمستقبل، كانت رؤية استراتيجية متكاملة للنهوض بكل أوجه الحياة في المملكة، جاءت بأهداف واضحة وبرامج تضمن تحقيق هذه الأهداف، واكبها تغييرات موفقة في اختيار المسؤولين ومنهم الوزراء والقادة، وهو ما جعل بعض المستهدفات تحقق أكثر مما خطط له.
قبل أيام أعلن عن أهم إنجازات برنامج التحول الوطني خلال الخمس سنوات الماضية، وهو أحد برامج الرؤية الأحد عشر، ويمثل قرابة الـ35 % من برامج الرؤية، ومن أهم إنجازاته ما تحقق في وزارة العدل من استخدام ناجح لحلول التقنية وتسخيرها للتسهيل على المراجعين بحيث تتم الكثير من المعاملات دون الحاجة للحضور إلى المحاكم أو كتابات العدل، ما وفر الوقت والجهد وحفظ الحقوق، فوزارة العدل من أكثر الوزارات التي طالها التطوير، وأدخلت تعديلات الكثيرة على الأنظمة القائمة واستحداث أنظمة جديدة وتطبيقها. وهذا ينعكس على حقوق الناس وتحقيق العدالة. وقد قيل للرئيس الفرنسي شارل ديغول بعد الحرب العالمية الثانية: لقد دمرت فرنسا، مبانيها وطرقها ومصانعها، فقال: كيف الجامعات والقضاء؟ قيل بخير، فقال: "إذن فرنسا بخير، سنبني كل ما هدموا" القضاء في معظمه تفسير للأنظمة واللوائح، وكلما كانت مواد الأنظمة واضحة والقاضي ملماً بها وبتفسير موادها، ويتمتع بالنزاهة والأمانة تحققت العدالة وحفظت الحقوق.
كما حظيت البيئة بنصيب وافر من التطوير والاهتمام ومنها التشجير والأمن الغذائي والمائي، لقد أدركت قيادة المملكة أهمية البيئة على صحة الإنسان وانعكاسها على الاقتصاد بشكل عام فأولتها جل اهتمامها، وأصبحت تقود مبادرات التشجير على مستوى العالم.
ومن نتائج التحول تركيزه على السلامة المرورية التي قللت وفيات الحوادث بنسبة 53 % في عام 2020 مقارنة بعام 2016، ولا تزال الجهود مستمرة للوصول إلى ما هو أفضل بإذن الله.
وقد حظي تمكين المرأة باهتمام كبير من قبل القيادة وهو ما جعل المملكة تتقدم في كثير من المؤشرات على مستوى المحلي والعالمي حيث قفزت حصة المرأة في سوق العمل من 21 % إلى قرابة 32 % خلال أربع سنوات. وقفز مؤشر المرأة في أنشطة الأعمال والقانون الصادر من البنك الدولي لتحصل المملكة على 80 نقطة من 100 في عام 2020 بعد أن كانت 31 نقطة في عام 2017، برامج كثيرة كلها تصب في تسهيل عمل المرأة وتمكينها.
وحين ننظر إلى التغييرات الكبيرة التي عاشتها وتعيشها المملكة منذ تولي الملك سلمان - يحفظه الله - نجد أن من أبرزها التغيير الثقافي والاجتماعي الذي تعيشه المملكة، فخلال سنوات قليلة تم تحويل بوصلة التفكير من فكر التطرف والتشدد إلى فكر التسامح والقبول، وهذا ينعكس على حياة المواطن والمقيم وعلاقتهما ببعضهما، وعلاقة المملكة مع دول العالم، وتأثير هذا التغيير سينعكس على بقية الدول العربية والإسلامية، فالمملكة قدوة لغيرها من الشعوب والحكومات.
المملكة تعيش اليوم تحولات إيجابية كثيرة وعلى جميع المستويات، لكن أهمها جميعاً هو الاستثمار في الإنسان وحسن تربيته وتعليمه وتأهيله ليقود مختلف مرحل التطوير والتحديث في الحاضر والمستقبل وحتى تتبوأ المملكة مكانها اللائق بين الأمم، وهذا هو ما تسعى إليه القيادة، وما يتابعه ولي العهد الأمير محمد بكل دقة وحزم لتكون النتائج واعدة بإذن الله.




http://www.alriyadh.com/1890385]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]