أثار الصديق الخلاق دائما «وائل المالكي» وهو طبيب العيون المنشغل دائما بالثقافة والإعلام، والكاتب الصحفي المميز، عبر حسابه الشخصي في منصة «تويتر»، أثار سؤالا بدا مباشرا في شكله الأولي يتعلق بمتلازمة الحب والورد، كيف ارتبطا دائما؟، وكيف اختار الحب الورد ليكون أيقونته في كل الثقافات والعصور؟، بل كيف تحولت الوردة أحيانا إلى رمز حضاري أو تاريخي كما هو الحال في «شقائق النعمان» وهي أول بعد رمزي ثقافي تكتسبه الوردة في تاريخنا؟، فشقائق النعمان لم تكن غير زهرة برية حمراء جميلة، قيل إنها نبتت على قبر النعمان بن المنذر أشهر ملوك الحيرة عندما داسته الفيلة إذ رفض الخضوع لملك الفرس بتسليم نساء العرب فكانت معركة ذي قار، ولهذا نسبت إليه، تعرف في الأردن وبادية الشام والعراق ولبنان باسم الدحنون أو الدحنونة، وهو حضور ثقافي صرف أعطى ذلك النوع من الورد رمزيته، لكن الأمر هنا يتعلق بالبعدين الثقافي والشعبوي فيما يتعلق بالوردة، فاستنشاق الوردة غالبا ما يصاحبه تداعيات وجدانية صرفة تنعكس على اللحظة حتى تكاد تأخذها من كل شيء إلى بعدها العاطفي الصرف، لذا تعامل الشعر والغناء دائما مع هذه الكينونة لها فإهداء الورد يستهدف إهداء الحضور الوجداني لنا، ولهذا علينا أن نتعامل مع هذا الإرث النفسي وفق ماهو كائن، ثم نحاول البحث في حيثياته.
إن الورد بكل مكوناته.. العطرية والجمالية ظل دائما واجهة جنة الأرض في مخيلتنا الحالمة، لهذا ارتبط حضوره بتكثيف اللحظة عطرا وجمالا وسلاما، وارتبط مكانه برؤيا الجنة، لهذا اختاره الحب لحظة مهداه، تحمل رمزيتها بكينونتها، فالورد في المكان عطر هوائه، وقرّة العين برؤياه فضلا عن نعومة الإحساس التي تتشكل في ملمسه وألوانه، ثم إنه يكاد يتخلى عن قيمته المادية، ليكثف قيمته المعنوية، في حالة خلوص لإهداء الحب دون غيره من الماديات التي يمكن إهداؤها.
إنه السلام المرسل، والجمال المضاف، والعاطفة الخالصة، والذاكرة المعطّرة، لهذا ربما أراد محمود درويش أن يناقش قضيته الحياتية خارج إطار شعريته، لكنه أكدها حتى وإن زهد فيها فإنه لم يستطع تجاوزها بل ربما استثمر رمزيتها ليحمل قضيته هم الوجود لاهم التنعم فيه، فقال:
إنا نحب الورد لكنا نحب الخبز أكثر..
ونحب عطر الورد.. لكن السنابل منه أطهر..!




http://www.alriyadh.com/1890384]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]