أكدت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش"Fitch مساء يوم الخميس الماضي في تقرير صدر عنها على قوة التصنيف الائتماني للمملكة عند مستوى "A" مع تعديل النظرة المستقبلية من (سلبية) إلى (مستقرة).
استندت الوكالة في تصنيفها الائتماني المرتفع للمملكة إلى قدرتها في التعامل مع جائحة فيروس كورونا واتخاذها الإصلاحات والتدابير الاقتصادية المناسبة لاحتواء الجائحة والحد من تداعياتها.
أما فيما يتعلق بقرار الوكالة بتعديل نظرتها المستقبلية من سلبية إلى مستقرة، فقد استندت في قراراها إلى توقعاتها حول انخفاض عجز الميزانية العامة، مقارنة بتقريرها الأخير الصادر في نوفمبر الماضي، وذلك نتيجة لاستمرار المملكة بالالتزام بضبط الأوضاع المالية العامة والاستمرار في الإصلاحات الهيكلية وتطبيق العديد من خطط تنويع الاقتصاد، بدعم من التحسن الذي طرأ على أسعار النفط العالمية، حيث رفعت الوكالة توقعاتها في وقت سابق لأسعار النفط للعام الحالي من 58 إلى 63 دولاراً للبرميل، والذي ساهم في تقليص العجز المالي خلال الربع الأول في العام الحالي.
وبناءً على تلك التقديرات، توقعت الوكالة في تقريرها عودة الاقتصاد السعودي إلى النمو الإيجابي في العام الجاري بعد انكماش في العام الماضي، وكذلك عودة مستوى الحساب الجاري إلى الفائض مع تقليص نسب العجز في المالية العامة، على أساس تحسن ظروف الاقتصاد الكلي العالمي وانتعاش أسعار النفط مع بدء خروج العالم من الجائحة. كما توقعت الوكالة نمو الناتج المحلى الإجمالي الحقيقي لاقتصاد المملكة بحوالي 2.1 % للعام المالي الحالي مقارنة بالانكماش السابق في العام الماضي بحوالي -4.1 %.
وعلى صعيد المالية العامة، فقد خفضت الوكالة تقديراتها بشأن العجز في الميزانية العامة للعام المالي الحالي من -8.4 % إلى -3.3 % كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، عن توقعاتها السابقة في شهر ديسمبر الماضي 2020. وقد قدرت الوكالة أن يصل العجز في الميزانية للعام المالي المقبل إلى ما يقارب -3.8 %.
كما راجعت الوكالة تقديراتها بشأن عجز الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي للعام المالي الماضي ليصل إلى -2.8 % مقارنة بـ -5.5 % في تقديراتها السابقة، وقدرت كذلك أن يحقق الحساب الجاري فائضاً بحوالي 2.7 % من الناتج المحلي الإجمالي للعام المالي المقبل 2021.
وفيما يتعلق بمتانة وقوة الأصول السيادية للمملكة، فقد أشارت الوكالة إلى أن المملكة لديها موارد مالية خارجية لا تزال مرتفعة على الرغم من تراجعها خلال السنوات الأخيرة، منوهة إلى أن المملكة تتمتع بأكثر من 20 شهرًا من المدفوعات الخارجية الحالية، والتي تعتبر واحدة من أعلى نسب التغطية بين الدول السيادية المصنفة من قبل الوكالة.
وبالنسبة للدين العام، فقد خفضت الوكالة تقديراتها لحجم الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي إلى 31.1 % مقارنة بـ39.4 % في تقديراتها الأخيرة في ديسمبر الماضي، وتوقعت أن يصل إلى حوالي 33.1 % بحلول العام 2022.
دون أدنى شك كان للإصلاحات الهيكلية التي اتخذتها المملكة خلال الخمس سنوات الماضية وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030، دور مهم في دعم تقييم وكالة "فيتش" المرتفع للمملكة ولنظرتها المستقبلية المستقرة، والذي يؤكد على جدوى وفعالية الإجراءات والتدابير الوقائية التي اتخذتها الحكومة للتعامل مع الجائحة، والذي انعكس بدوره بشكل إيجابي على السياسة المالية وعلى كفاءة العمل الحكومي المرتبطة بالجهود الرامية إلى التنويع الاقتصادي.
تجدر الإشارة إلى أن المملكة كانت ضمن الدول القليلة في العالم التي تمكنت من تعديل النظرة المستقبلية إلى نظرة مستقرة لتصنيفها الائتماني بإصلاحاتها الاقتصادية وإجراءاتها المناسبة لاحتواء جائحة كورونا والحد من تداعياتها.
إن اللافت للانتباه، أن وكالات التصنيف الائتماني الثلاث أس أند بي S&P وموديز Moody’s و فيتش Fitch قد منحت المملكة خلال العام الجاري تقييماً ائتمانياً مرتفعاً بدرجة "A-" و"A1" و"A" على التوالي ما يؤكد على توافق وكالات التصنيف الائتماني على سلامة الوضع الاقتصادي والمالي للمملكة، بالرغم من تداعيات جائحة فيروس كورونا وتدني أسعار النفط العالمية خلال العام الماضي التي انخفضت إلى ما دون العشرة دولارات للبرميل خلال شهر إبريل 2020.
برأيي - دون أدنى شك - أن المملكة تستحق بجدارة تلك التقييمات الائتمانية المرتفعة، سيما أنها تُعد من بين الدول القلائل على مستوى العالم، التي تمكنت من التعامل ليس فقط مع تداعيات الجائحة ولكن أيضاً مع صدمة انخفاض أسعار النفط العالمية في الوقت نفسه، حيث تشير المعلومات إلى أن وكالة "فتش"، قد اتخذت إجراءات لحوالي 97 دولة منذ بداية العام الحالي، شملت نسبة التعديلات الإيجابية منها لتلك الدول حوالي 11 % فقط من بينها المملكة. هذا يؤكد على أن تصنيف وكالة "فيتش" الائتماني للمملكة عند مستوى "A"، مع تعديل النظرة المستقبلية إلى مستقرة من سلبية دليل على نجاعة الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي اتخذتها الحكومة، والتي ساهمت بدورها في سرعة تعافي الاقتصاد والمحافظة على الصحة العامة للمواطنين والمقيمين على أرض المملكة.




http://www.alriyadh.com/1897464]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]