يروي لي أحد معارفي عن مقابلة وظيفية لمنصب تنفيذي مرموق حيث عرضت عليه الجهة الموظفة راتباً ومزايا مادية تصل إلى ضعف ما يستلمه حالياً، ومع ذلك رفض ذلك الشخص العرض الوظيفي المغري. وعند سؤاله عن الأسباب أجاب قائلاً:" تفاجأت بهم في المقابلة يقولون لي أن المدير الجديد يريدك أن تكون ساعده الأيمن في التخلص من الحرس القديم الذين عينهم المدير السابق إما بدفعهم للاستقالة عبر وضع العراقيل أمامهم والعمل على إفشال مشروعاتهم أو فصلهم بعد وضع تقييم سيئ في أدائهم الوظيفي.. ويضيف ذلك الشخص: "مهما كانت المزايا المادية فلن أحرق نفسي وصحتي في بيئة عمل سامة مثل هذه".. مقالة اليوم بعنوان الشوكولاتة لا تصلح بيئة العمل..
قبل الدخول في صلب الموضوع، قد يتساءل البعض: ما أهمية خلق بيئة عمل صحية؟ في الواقع إن بيئات العمل السامة التي تعج بالصراعات تستهلك الكثير من أوقات المديرين والموظفين وجهدهم في معارك بلا معنى تتركز على بسط النفوذ وإسقاط الآخرين، وهذا بدوره يقود إلى ضعف الإنجاز والأداء المؤسسي ما يدفع بأفضل الكفاءات للرحيل ويصعب جداً عملية استقطاب كفاءات مميزة.
ومؤخراً تميل منظمات إلى التسويق لنفسها وبيئات العمل فيها بنشر مقاطع عن حفلات لتوزيع الشوكولاتة والعصيرات وغيرها من الفعاليات الشكلية التي لا بأس فيها، ولكن المشكلة الكبرى هي التركيز على هكذا فعاليات للاستهلاك الإعلامي والتغافل عن التحديات الرئيسة في رضا الموظفين وجودة بيئة العمل.. ولصناعة بيئة عمل ناجحة، فهنالك عدد من النصائح والمقترحات ومنها:
الإشادة بالإنجاز: يشعر الموظف بالانتماء عندما يتم تكريمه والإشادة بإنجازه، والعكس صحيح عندما يتم غبن الموظف وتجاهل أدائه أو محاباة البعض ومحاربة الآخرين.
خلق الأدوات والأنظمة الداعمة: لا يمكن تحقيق الأهداف المطلوبة من دون توفير ميزانيات داعمة وموظفين وبرامج ومعدات. ناهيك عن الأنظمة والقوانين التي لا تكون مغرقة في البيروقراطية دون إخلال بالحوكمة.
إعطاء الصلاحيات والاستقلالية: أي موظف كفء يشعر بالتمكين ضمن الضوابط الواضحة سيبدع وينجز. وبالمقابل، فالإدارة التفصيلية التي تدخل وتناقش في أدق التفاصيل تشعر الموظف بعدم الثقة وتستهلك الكثير من الوقت والجهد.
التواصل الفعال والرؤية الواضحة: من أصعب الأمور على أي موظف أن يجد نفسه بين فترة وأخرى تحت قيادة مدير جديد في هيكل تنظيمي مختلف وسياسات واستراتيجيات مبهمة وغير واضحة. وبالمقابل فالتواصل الواضح من المديرين وبين زملاء العمل والرؤية الواضحة كفيلان بأن تجعلا الجميع على قلب شخص واحد لتحقيق أهداف المنظمة.
وباختصار، لا بأس أن تكون هنالك فعاليات واحتفاليات وتوزيعات لإسعاد الموظفين، ولكن ستبقى كل هذه الشكليات والكماليات بلا قيمة إذا لم يشعر الموظف بالأمان الوظيفي، وأن جهده مقدر معنوياً ومادياً وفي مكان يحفزه على الإبداع ويدعمه للإنجاز. وأختم بكلمات الجاحظ: "لا تبق في المكان الذي لا تعرف فيه قيمتك".




http://www.alriyadh.com/1897607]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]