لا ترسل مخطوطك لأي كاتب ليعطيك ملاحظاته، فإن كان مشهورا فهو حتما لا يملك وقتا لك، تذكّر أنّك لست الوحيد الذي فكّر مثلك وراسله، المخطوطات ستتراكم في بريده حتّى تتعفّن، وإن كان غير مشهور فحتما لديه أشغاله التي يمارسها يوميا من أجل لقمة العيش. قراءة مخطوط وكتابة ملاحظات، يعتبر عملا غير مدفوع الأجر أهدر فيه وقته وجهده، إنسانيا من غير المقبول أن تتهم "كاتبك" أنه بلا أخلاق، أو مغرور، أو غير مبالٍ، ففي العالم الذي يحترم الكاتب والقارئ معا، الأمور لا تكون هكذا.
لنبدأ من جديد، أولا وظيفة الكاتب هي الكتابة وليس قراءة أعمال الهواة، أمّا ثانيا فالقراءة أصبحت عملا يمارسه ذوي الاختصاص في دور النشر المحترمة، والانتساب إليها ليس سهلا، يلزمك صديق أو أحد المعارف من الدّاخل لتزكيتك. غير ذلك لا تتعب نفسك بطلب هذه الوظيفة.
هناك مواقع كثيرة منها ما هو تابع لمؤسسات إعلامية كبرى، تستقبل قراءاتك الملخّصة، وتنشرها في حال رقتْ إلى ذلك. أمّا أن تكتب أي كلام على نسق "أعجبني ولم يعجبني" فحتما لن يمرّ.
القراءة أخذت منحَى المهنة التي تحتاج لتفرّغٍ في العالم الذي يحترم ما يُكتب، أمّا في عالمنا الذي يخطو خطواته الأولى المتعثرة فيها فلا يزال كثيرون يعتقدون أن القراءة "تسلية" أو "خدمة بدون مقابل" أو "مساعدة" أو "صدقة جارية" والسلام.
لا يا حبيبي، فالزمن يتغير، وكل هذه التوصيفات كانت ممكنة منذ نصف قرن، أمّا الآن بعد أن أصبح كل من هبّ ودبّ يكتب، والبريد الإلكتروني ومواقع التواصل تسهل عملية إيصال المخطوط، فالأمر أصبح مزعجا.
تخيّل وأنت تتلقّى مخطوطا واحدا على الأقل يوميا، هل يمكنك أن تسخّر نفسك لقراءتها كلها؟ طبعا من المستحيل فعل ذلك.
لكي تكون قارئا متخصصا، لا يهم أن تكون مجازا في الأدب من إحدى الجامعات، فالقراءة موهبة، ومثابرة، واجتهاد شخصي، فأغلب القراء في دور النّشر العالمية قدموا من شغفهم وليس من تخصصاتهم الجامعية، بعضهم عصامي تماما ويعمل في مزرعة للبقر.
في فرنسا على سبيل المثال ينال القارئ ستين يورو على كل مخطوط، ويقرأ قرابة العشر مخطوطات في الشهر، هذا المبلغ يبدو كبيرا في بعض بلداننا العربية، لكنّه مكافأة بسيطة للقارئ تعبيرا عن احترام فعل القراءة.
قد يتساءل البعض، هل يمكن الاستغناء عن مهنة القارئ في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة؟ والجواب لا، لأنّ أرباح الدار تقوم على الخيارات الصائبة للقارئ، وأي زيادة في المبيعات مرتبط مباشرة بمدى شطارته في اختيار الأعمال الجيدة والجميلة، لهذا تعتمد هذه الدور اختيار قرائها وفق مراجعاتهم لكتب سابقة ومدى نجاحها.
عربيا يمكن إيجاد قرّاء ممتازين عبر موقع "غود ريدز" بمراجعة قراءاتهم السابقة لكتب حققت مبيعات جيدة، وتوقعاتهم لبعضها بنيل جوائز.




http://www.alriyadh.com/1897748]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]